للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال سبحانه وتعالى: يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ [الآية ٦٤] فجر سَواءٍ «١» لأنها من صفة الكلمة وهو «العدل» «٢» .

أراد «مستوية» ولو أراد «استواء» لكان النصب «٣» . وإن شاء ان يجعله على الاستواء ويجرّ جاز، ويجعله من صفة الكلمة مثل «الخلق» ، لأن «الخلق» قد يكون صفة ويكون اسما، قال الله تعالى: الَّذِي جَعَلْناهُ لِلنَّاسِ سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ [الحج/ ٢٥] لأن «السّواء» للآخر وهو اسم ليس بصفة فيجري على الأول، وذلك إذا أراد به الاستواء. فان أراد «مستويا» جاز أن يجري على الأول، فالرفع في ذا المعنى جيد لأنها صفة لا تغير عن حالها ولا تثنّى ولا تجمع على لفظها ولا تؤنّث، فأشبهت الأسماء. وقال تعالى: أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَواءً مَحْياهُمْ وَمَماتُهُمْ

[الجاثية/ ٢١] ف «السواء» للمحيا والممات، فهذا المبتدأ. وإن شئت أجريته على الأول وجعلته صفة مقدمة من سبب الأول فجرى عليه، فهذا إذا جعلته في معنى مستو فالرفع وجه الكلام كما فسرته لك من قوله أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ [الآية ٦٤] فهو بدل كأنه قال «تعالوا إلى أن لا نعبد إلّا الله» .

وقال عز وجل: وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ [الآية ٧٧] فهذا مثل قولك للرجل «ما تنظر إليّ» إذا كان لا ينيلك شيئا.

وقال تعالى: آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ [الآية ٧٢] جعله ظرفا.

وقال تعالى: أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ ما أُوتِيتُمْ [الآية ٧٣] يقول: وَلا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللَّهِ أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ ما أُوتِيتُمْ أَوْ يُحاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ [الآية ٧٣] أي: ولا تؤمنوا أن يحاجّوكم «٤» .

وقال تعالى: إِلَّا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً [الآية ٧٥] لأنّها من «دمت»


(١) . في البحر ٢/ ٤٨٣ الى الجمهور، وفي الطبري ٦/ ٤٨٦، والمشكل ٩٧ بلا نسبة.
(٢) . «عدل» بدل «سواء» قراءة عبد الله، معاني القرآن ٢٢٠.
(٣) . في الشواذ ٢١ والمشكل ٩٧ والبحر ٢/ ٤٨٣ الى الحسن، وفي الطبري ٦/ ٤٨٦ بلا نسبة.
(٤) . نقله في إعراب القرآن ١/ ١٦٩، والجامع ٤/ ١١٤. وكلامه على تتمة الآية أَوْ يُحاجُّوكُمْ عِنْدَ رَبِّكُمْ [الآية ٧٣] . [.....]