للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فاللام التي مع «ما» في أول الكلام هي لام الابتداء نحو «لزيد أفضل منك» ، لأن (ما آتيتكم) اسم والذي بعده صلة.

واللام التي في لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ [الآية ٨١] لام القسم كأنه قال «والله لتؤمننّ به» فوكد في أول الكلام وفي آخره، كما تقول: «أما والله أن لو جئتني لكان كذا وكذا» ، وقد يستغنى عنها. ووكّد في لَتُؤْمِنُنَّ باللام في آخر الكلام وقد يستغنى عنها. جعل خبر (ما آتيتكم من كتاب وحكمة) لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ مثل «ما لعبد الله؟ والله لتأتينّه» . وإن شئت جعلت خبر (ما) مِنْ كُتُبٍ تريد (لما آتيتكم كتاب وحكمة) وتكون «من» زائدة «١» .

وقال تعالى: مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَباً [الآية ٩١] مهموزة من «ملأت» وانتصب (ذهبا) كما تقول: «لي مثلك رجلا» أي: لي مثلك من الرجال، وذلك لأنك شغلت الاضافة بالاسم الذي دون «الذهب» وهو «الأرض» ثم جاء «الذهب» وهو غيرها فانتصب كما ينتصب المفعول إذا جاء من بعد الفاعل. وهكذا تفسير الحال، لأنك إذا قلت: «جاء عبد الله راكبا» فقد شغلت الفعل «٢» ب «عبد الله» وليس «راكب» من صفته لأن هذا نكرة وهذا معرفة.

وإنما جئت به لتجعله اسما للحال التي جاء فيها. فهكذا تفسيره، وتفسير «هذا أحسن منك وجها» ، لأن «الوجه» غير الكاف التي وقعت عليها «من» و «أحسن» في اللفظ إنّما هو الذي تفضله ف «الوجه» غير ذينك في اللفظ.

فلما جاء بعدهما وهو غيرهما، انتصب انتصاب «٣» المفعول به بعد الفاعل.

وقال تعالى: كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ [الآية ٩٣] لأنه يقال:

«هذا حلال» و: «هذا حلّ» ، و «هذا حرام» و «هذا حرم» ويقال


(١) . نقله في المحتسب ١/ ١٦٤، واعراب القرآن ١/ ١٧٢، والمشكل ١/ ١٦٥، والتهذيب ١٥/ ٤١١ لام التوكيد.
والجامع ٤/ ١٢٥، والبحر ٢/ ٥١١ و ٥١٢.
(٢) . أي اكتفى الفعل بعبد الله فهو فاعله، أما «راكب» فلا يكون مرفوعا، لأنه ليس مسندا اليه ولا صفة للمسند اليه» .
(٣) . كل هذا مبني على ما قاله الخليل في غير موضع من الكتاب. فالاسم قد ينتصب في الجملة لأنه ليس من الاسم الأول ولا هو هو، اي ليس جزا من الاسم الأول كأن يكون مضافا اليه ولا صفة له. والصفة التي تتبع الموصوف هي التي تكون من المنعوت أو الموصوف وكأنها هو.