للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كلام العرب. وإنما سميت بذلك لأن المتعلق بها ينجو مما يخافه، كالمتشبث بالحبل إذا وقع في غمرة، أو ارتكس في هوة. فالعهود يستأمن بها من المخاوف، والحبال يستنقذ بها من المتالف. فلذلك وقع التشابه بينهما.

وقوله تعالى: وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها [الآية ١٠٣] .

وهذه استعارة. لأنه تعالى شبّه المشفي، بسوء عمله، على دخول النار، بالمشفي، لزلة قدمه، على الوقوع في النار.

وقوله تعالى: ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ [الآية ١١٢] وقد مضى الكلام على مثل ذلك في «البقرة» فلا معنى لإعادته.

وقوله تعالى: لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا [الآية ١٢٧] أي ينقص عددا من أعدادهم، فيوهن عضدا من أعضادهم.

وهذا من محض الاستعارة.

وقوله تعالى: وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (١٤٣) وهذه استعارة، لأن الموت لا يلقى ولا يرى. وإنما أراد سبحانه رؤية أسبابه، من صدق مصاع «١» ، وتتابع قراع. أو رؤية آلاته، كالرماح المشرعة، والسيوف المخترطة.

وقوله سبحانه: أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ [الآية ١٤٤] وهذه استعارة. والمراد بها الرجوع عن دينه، والتقاعس عن اتّباع طريقه. فشبّه سبحانه الرجوع في الارتياب، بالرجوع على الأعقاب.

وقوله سبحانه: وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كانُوا غُزًّى [الآية ١٥٦] وهذه استعارة. لأن الضرب هاهنا عبارة عن الإنجاد في السير، والإيغال في الأرض، تشبيها للخابط في البر بالسابح في البحر، لأنه يضرب بأطرافه في غمرة الماء شقّا لها، واستعانة على قطعها.

وقوله سبحانه: هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ (١٦٣) .

وهذه استعارة. لأن الإنسان غير


(١) . المصاع: مصدر ماصع: أي قاتل وجالد. [.....]