للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المنافقين من غزوة أحد، كما في الحديث «١» .

ومنها: أن في آل عمران ذكرت الغزوة التي بعد أحد بقوله: الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ [الآية ١٧٢] «٢» . وأشير إليها هنا بقوله: وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَما تَأْلَمُونَ [الآية ١٠٤] «٣» .

وبهذين الوجهين عرف أن تأخير النساء عن آل عمران أنسب من تقديمها عليها في مصحف ابن مسعود، لأن المذكور هنا ذيل ما في آل عمران، ولاحقه وتابعه، فكانت بالتأخير أنسب.

ومنها: أنه ذكر في آل عمران قصة خلق عيسى بلا أب، وأقيمت له الحجة بآدم، وفي ذلك تبرئة لأمه، خلافا لما زعم اليهود، وتقرير لعبوديته، خلافا لما ادعته النصارى، وذكر في هذه السورة الرد على الفريقين معا: فرد على اليهود بقوله: وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً [الآية ١٥٦] ، وعلى النصارى بقوله: لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ [الآية ١٧١] ، إلى قوله: نْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ

[الآية ١٧٢] .

ومنها: أنه لما ذكر في آل عمران:

إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ [آل عمران/ ٥٥] ، رد هنا على من زعم قتله بقوله:

وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِّ وَما قَتَلُوهُ يَقِيناً (١٥٧) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ.

ومنها: أنه لما قال في الآية ٧ من آل


(١) . أخرجه البخاري في التفسير: ٦/ ٥٩ عن زيد بن ثابت. ومسلم في المنافقين: ٨/ ١٢٨، وأحمد في المسند: ٥/ ١٨٤، وفيه: أن الصحابة اختلفوا فيمن رجع عن غزوة أحد، فقال فريق: بقتلهم. وقال فريق: لا. فنزلت.
(٢) . هو يوم حمراء الأسد، كان عقب أحد، وكان الكفار قد ندموا أن لم يدخلوا المدينة، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فندب المسلمين للخروج على ما بهم من جراح، ليريهم أن بهم قوة وجلدا. انظر البخاري:
٥/ ١٣٠، والمستدرك: ٢/ ٢٩٨ وسيرة ابن هشام: ٢/ ١٠١.
(٣) . ومن أسرار الترتيب أنه تعالى زاد في سورة «محمد» تفصيل سبب النهي عن الوهن في قوله: فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ (٣٥) .