خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً
(١١٢) .
أقول: ورد «الكسب» في لغة التنزيل ودلالته عامة، ينصرف إلى الخير كما ينصرف إلى الشر.
قال الله تعالى: كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ (٢١) [الطور] .
وقال تعالى: وَما تَدْرِي نَفْسٌ ماذا تَكْسِبُ غَداً [لقمان/ ٣٤] .
وقال تعالى: تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ [البقرة/ ١٣٤] .
وقال تعالى: ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ [البقرة/ ٢٨١] .
وقد اجتزأنا بهذه الآيات عن كثير مما يدخل في هذا الخصوص.
غير أننا نجد آيات كثيرة تشير إشارة واضحة إلى أن المراد ب «الكسب» هو الشرّ، ومن ذلك:
قال تعالى: بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ [البقرة/ ٨١] .
وقال تعالى: ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ [الروم/ ٤١] .
وقال تعالى: إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ بِبَعْضِ ما كَسَبُوا [آل عمران/ ١٥٥] .
وقال تعالى: فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا [الآية ٨٨] .
وقال تعالى: وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها [يونس/ ٢٧] .
كما يتحقق هذا المراد من الكلمة بانصرافها إلى الشرّ في آيات كثيرة أخرى.
وقد نجد «الكسب» في آيات عدّة يعني الخير المحض كقوله تعالى:
.... لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً [الأنعام/ ١٥٨] .
وقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ [البقرة/ ٢٦٧] .
ومثل «الكسب» «الاكتساب» في آيات الله فليس الفعل المزيد خاصا بفائدة معنوية تميزه، وعلى ذلك فهو ينصرف إلى الخير كما ينصرف إلى الشرّ.
قال تعالى: لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ [النور/ ١١] .