القتيل من بني قريظة نصف دية القتيل من بني النّضير، ثم خيره في الحكم بينهم والإعراض عنهم، وأمره عند اختيار الحكم بينهم أن يحكم بالعدل الذي أنزله وهو القصاص، ثم عجّبه من أنهم يحكّمونه وعندهم التوراة فيها حكمه في القتل، ثم يتولّون عنه بعد التحكيم إذا علموا أنه سيحكم بينهم بذلك لا بما حرفوه في جاهليتهم، ثم ذكر أنه أنزل التوراة فيها هدى ونور من الأحكام التي لم يحرفوها، وأن أسلافهم كانوا يحكمون بها لا بتلك الأحكام التي تواضعوا عليها ونهاهم أن يخشوا الناس في الرجوع إلى حكم التوراة في القصاص، وأمرهم أن يخشوه وحده ولا يشتروا بآياته تلك الرّشوة الزائلة، ثم ذكر ما جاء فيها من القصاص في النفس والعين والأنف والأذن والسنّ والجروح، وأن عيسى، عليه السلام، جاء بعد ذلك مصدقا لأحكام التوراة، وأنه أنزل عليه الإنجيل مصدقا لها أيضا، وأنه أنزل القرآن بعد ذلك مصدقا لأحكام التوراة والإنجيل ومهيمنا عليهما. وقد توافقت الكتب الثلاثة على القصاص، فيجب الحكم بينهم به، ولا يصح اتباع أهوائهم في الحكم، ثم ذكر أنه جعل لكل من اليهود والنصارى والمسلمين شرعة ومنهاجا، وله في اختلاف تلك الشرائع حكمة الابتلاء فيها، وقد جعل شرعتنا خير الشرائع التي أنزلها، ثم حذر النبي (ص) من اليهود أن يفتنوه عما جاء فيها من القصاص، وعجّب من أنهم يبغون حكم الجاهلية الذي يفرق بين الدماء وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (٥٠) .
ثم نهى المؤمنين أن يتخذوا اليهود والنصارى أولياء لنقضهم عهودهم، ولإيثارهم أعداءهم منهم عليهم، ثم ذكر أن المنافقين يتمسكون بحلفهم ويقولون نخشى أن تصيبنا دائرة من هزيمة أو نحوها فنحتاج إليهم، وكانوا أهل ثروة ومال يقرضونه بالربا وغيره، ثم ذكر أنه سيفتح على المؤمنين فيندم المنافقون على نفاقهم، ويقول المؤمنون متعجبين من أمرهم أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خاسِرِينَ (٥٣) .
ثم ذكر أن من يرتد من أولئك المنافقين عن دينه، فسوف يأتي بقوم خير منهم يجاهدون في سبيله، وأنه يجب أن يكون وليهم الله ورسوله والمؤمنون لينصرهم على أعدائهم.
ثم عاد إلى نهي المؤمنين عن موالاة أهل الكتاب والمنافقين ليذكر سببا آخر