وما أرانا إلا أن نعود الى هذا الفعل وغيره، فنعيده إلى الاستعمال الحديث.
٩- وقال تعالى: قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ [الآية ٦٨] .
والمعنى: لستم على دين يعتدّ به حتى يسمّى شيئا لفساده وبطلانه.
أقول: وقوله تعالى: لَسْتُمْ عَلى شَيْءٍ [الآية ٦٨] لبيان أنه لا قيمة له، نظير قولنا: إن هذا ليس بشيء مثلا، إقرارا منّا بأنه فاقد القيمة.
١٠- وقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصارى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٩) .
موضع الإشكال في هذه الآية مجيء «الصابئون» بالواو وسنعرض لما قيل في ذلك من كلام طويل.
وعندي أن قراءة أبيّ غير المشهورة «والصابئين» وجيهة مقبولة تنفي عنا هذا الإشكال، والتعقيد الذي سنعرض له.
ماذا قيل في هذه المشكلة النحوية؟
«الصابئون» رفع على الابتداء، وخبره محذوف، والنيّة به التأخير عما في حيّز إنّ من اسمها وخبرها، كأنّه قيل: إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى حكمهم كذا، والصابئون كذلك، وانشد سيبويه:
وإلّا فاعلموا أنّا وأنتم بغاة ما بقينا في شقاق أي: فاعلموا أنا بغاة وأنتم كذلك فإن قلت: هلّا زعمت أنّ ارتفاعه للعطف على محل إنّ واسمها؟
قلت: لا يصح ذلك قبل الفراغ من الخبر، لا تقول: إن زيدا وعمرو منطلقان.
فإن قلت: لم لا يصحّ، والنيّة به التأخير، فكأنّك قلت: ان زيدا منطلق وعمرو؟ قلت: لأني إذا رفعته رفعته عطفا على محل إنّ واسمها، والعامل في محلهما هو الابتداء، فيجب أن يكون هو العامل في الخبر لأن الابتداء ينتظم الجزأين في عمله كما تنتظمهما «إنّ» في عملها، فلو رفعت «الصابئون» المنويّ به التأخير بالابتداء وقد رفعت الخبر بأنّ، لأعملت فيهما رافعين مختلفين. فإن قلت: فقوله:
«والصابئون» معطوف لا بدّ له من معطوف عليه فما هو؟ قلت: هو مع