للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مرفوعة على شذوذ القراءة، لكان لهم أن يتبعوا الأسلوب الذي أتينا على ذكره بما فيه من الحذلقة والتزيّد.

كلمة أخيرة:

الذي أراه في توجيه «الصابئون» أن القراءة صحيحة، ولكن أقول: إن نحو العربية في باب الجمع المذكور بالواو والنون والياء والنون، في عصر القرآن، لم يكن قد استقر فتخلص من اللغات الخاصة، وهذا يعني أن الواو والنون كانتا سمة وعلامة للجمع كيفما كان موضع الكلمة من الإعراب، فالواو والنون علامة الجمع، كما أن الياء والنون علامة أخرى، وأما اختصاص كل منهما بحالة إعراب خاصة فقد استفادته العربية شيئا فشيئا حتى استقر على هذا النحو الذي نعرفه في النحو العام المشهور. ثم ألم يقولوا: إن «اللذون» لغة في «الذين» ، وأن الواو لازمة في هذا الموصول كما في الشاهد المعروف:

نحن اللذون صبّحوا الصّباحا ثم ألم يقرأ الحسن: (تنزّل الشياطون) «١» ؟

١١- وقال تعالى: وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ [الآية ٧١] .

في هذه الآية مسألة تتصل ب «كثير» لا بد من الوقوف عليها.

قالوا: «كثير» بدل من الضمير، أو على قولهم: أكلوني البراغيث.

أقول:

ما أظن أن القول بأن الآية جرت على لغة «أكلوني البراغيث» قول سديد مقبول، وذلك لأن هذه اللغة قد خصت بها قبيلة واحدة هي بنو الحارث بن كعب، ولكني أقول: إن الفاعل هو «كثير» وهو أقوى في الفاعلية من «الواو» الذي سمّي «ضميرا» وليس الواو إلا إشارة إلى أن الفاعل «جمع» أو دالّ على الجمع وهو «كثير» في الآية.


(١) . أقول: ألم يأتنا في كتب البلدان: فلسطون ونصيبون وصريفون في فلسطين ونصيبين وصريفين، أريد أن أقول كما تكون الواو والنون لازمة كذلك الياء والنون لازمة في جمع المذكر العاقل وغيره كالاسم الموصول مثلا. [.....]