ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ [الآية ٩١] وفي هذا إنكار للتوحيد أيضا، لأنهم لم يقدّروا الله فيها حقّ قدره، لأنه لا يليق به أن يخلقهم ويتركهم من غير أن يرشدهم، وقد أمر النبي (ص) أن يسألهم: مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَهُدىً لِلنَّاسِ [الآية ٩١] وذكر أنهم جعلوه قراطيس يبدون بعضها، ويخفون منها ما فيه البشارة بالنبي (ص) ، وقد علموا من هذا ما لم يعلموه هم ولا آباؤهم ثم أمره أن يخبرهم بأن الذي أنزله هو الله، وحينئذ يبطل قولهم ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ ثم ذكر أنه أنزل القرآن مصدقا لهذا الكتاب لينذر مكة ومن حولها، وأن الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ [الآية ٩٢] لأنه يدعوهم إليها، ثم ذكر أنه لا يوجد أظلم ممّن افترى عليه كذبا أو ادّعى أنه يوحى إليه، ولم يوح إليه شيء أو أنه يمكنه أن ينزل مثل ما أنزل الله، فكيف يفتري النبي (ص) مثل هذا الكتاب عليه؟ ثم ذكر أنهم في حال الموت يخبرهم الملائكة بأنهم سيجزون عذاب الهون بقولهم عليه غير الحقّ، واستكبارهم عن آياته، وأنهم يجيئونه فرادى كما خلقهم أوّل مرة، وليس معهم ما أعطاهم من المال وغيره في دنياهم، ولا شفعاؤهم الذين زعموا أنهم شركاء فيهم.
ثم أخذ في ذكر ما يبطل هذا الزعم، فذكر أنه فالق الحب والنوى، إلى غير هذا ممّا ذكره في إثبات قدرته وعلمه وحكمته، ولا يصح معه أن يكون هناك شريك له ثم ذكر أنهم مع هذا جعلوا له شركاء من الجن، وجعلوا له بنين وبنات من الملائكة وغيرهم، ورد عليهم بأنه بديع السماوات والأرض، فأنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة؟
إلى غير هذا مما ذكره في الرد عليهم ثم ذكر أنه قد جاءهم من هذا بصائر من ربهم، فمن أبصر فلنفسه، ومن عمي فعليها، وأنه كذلك يصرف الآيات حتى تصل إلى نهاية الكمال، ويزعموا أنها نتيجة دراسة وعلم، ثم أمر النبي (ص) أن يتبع ما أوحي إليه من تلك الآيات، ويعرض عن المشركين وما يقترحونه من الآيات على سبيل التعنّت وذكر أنه لو شاء ما أشركوا، وأنه لم يجعله حفيظا ولا وكيلا عليهم، فليس عليه إلا أن يبلغهم، ثم نهاهم أن يسبّوا آلهتهم، لئلا يسبّوه عدوا بغير علم: