للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وعجزه، وقلة الحافظين له والناصرين، بخلاف مال البالغ. الثاني: أن التخصيص لمجموع الحكمين وهما النهي عن قربانه بغير الأحسن، ووجوب قربانه بالأحسن، أو جواز قربانه بالأحسن بغير إذن مالكه، ومجموع الحكمين مختص بمال اليتيم، وهذا هو الجواب عن كونه مغيّبا ببلوغ الأشد، لأن المجموع ينتفي ببلوغ الأشد لانتفاء الحكم الثاني وقيل إن الغاية لمحذوف، تقديره:

حتى يبلغ، فسلّموه إليه.

فإن قيل: لم خصّ العدل بقوله تعالى: وَإِذا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا

[الآية ١٥٢] ولم يقل: وإذا فعلتم فاعدلوا، والحاجة إلى العدل في الفعل أمسّ، لأن الضرر الناشئ من الجور الفعلي، أقوى من الضرر الناشئ من الجور القولي؟

قلنا: إنّما خصه بالقول ليعلم وجوب العدل في الفعل بالطريق الأولى، كما قال تعالى: فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ [الإسراء: ٢٣] ولم يقل: ولا تشتمهما ولا تضربهما لما قلنا.

فإن قيل: كيف الجمع بين قوله تعالى وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى [الآية ١٦٤] «١» وقوله سبحانه وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ [العنكبوت: ١٣] وقوله عزّ وعلا لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ [النحل: ٢٥] وقد جاء في الحديث المشهور «من عمل سيئة، فعليه وزرها ووزر من عمل بها، إلى يوم القيامة» .

قلنا: المراد بالآية الأولى وزر لا يكون مضافا إليها بمباشرة أو تسبّب، لتحقيق إضافته إلى غيرها على الكمال.

أما إذا لم يكن كذلك فهو وزرها من وجه فتزره. وقيل معناه: لا تزره طوعا كما زعم المشركون بقولهم للنبي (ص) : ارجع إلى ديننا ونحن كفلاء بما يلحقك من تبعة في دينك.

وقول الذين كفروا للذين آمنوا كما ورد في التنزيل اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ [العنكبوت: ١٢] إلى قوله تعالى: عَمَّا كانُوا يَفْتَرُونَ (١٣) [العنكبوت] ومعنى باقي النصوص أنها تحمله كرها، فلا تنافي بينهما.


(١) . ورد القول الكريم نفسه في أكثر من موضع في القرآن الكريم.