عجلا جسدا له خوار فعبدوه من دونه سبحانه، وأنّهم ندموا على ذلك، ورأوا أنهم قد ضلّوا وطلبوا رحمة الله ومغفرته لذنبهم، وأن موسى رجع إليهم غضبان أسفا لما فعلوا، وألقى الألواح وأخذ برأس أخيه هارون يجرّه إليه فاعتذر له بأنهم استضعفوه وكادوا يقتلونه، فطلب من ربه أن يغفر له ولأخيه ويرحمهم جميعا ولا يؤاخذهم بما فعلوا وقد أجيب بأنّ الذين اتخذوا العجل وزيّنوا عبادته لهم سينالهم غضب من ربهم وذلّة في الدنيا، لأنهم سيعودون إلى عصيان ربهم، وقد فعلوا ذلك، بعد أن فتحوا الأرض الموعودة لهم وبأنّ الذين لم يقعوا في العبادة مثلهم وأساؤوا بعدم مفارقتهم، ثمّ تابوا وآمنوا، ستغفر سيئاتهم. ثم ذكر سبحانه، أن موسى اختار سبعين رجلا منهم لميقاته ليعتذروا عن ذلك الفعل، وأنه أخذهم بالرجفة إظهارا لغضبه ممّا فعلوا، فتوجّه موسى إليه بالدعاء أن يغفر لهم ويرحمهم، ولا يؤاخذهم بما فعل السفهاء منهم وأنه جلّ جلاله أجابه بأنه يعذّب من يشاء ولا يسأل عمّا يفعل، وأنّ رحمته وسعت كلّ شيء حتّى العاصين من عباده، وسيكتبها للذين يتّقون ويؤتون الزكاة ويؤمنون به، ويتّبعون الرسول النبي الأمي حين يبعث إليهم، وهو الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل، يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، إلى غير هذا مما ذكره في البشارة بمحمد (ص) ، ثم استطرد السّياق من ذلك إلى أمره سبحانه للرسول (ص) بعد هذه البشارة أن يذكر للناس أنه رسول الله إليهم جميعا وأن يأمرهم باتباعه لعلّهم يهتدون ثم ذكر تعالى أن من قوم موسى أمّة يهدون بالحق، فلا ينكرون تلك البشارة.
ثم عاد السياق إلى موسى وقومه، فذكر أن الله جلّ جلاله قطّعهم اثنتي عشرة أسباطا، وأنه أوحى إليه إذا استسقوه أن يضرب بعصاه الحجر، فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا بعددهم وأنه ظلّل عليهم الغمام وأنزل عليهم المنّ والسلوى، وأنّهم ما ظلموه سبحانه، إذ عصوه بعد هذا، ولكن ظلموا أنفسهم ثمّ ذكر من عصيانهم أنه أمرهم بسكنى القرية التي وعدهم بها، وهي بيت المقدس، وأن يقولوا حين دخولها حطّة ويدخلوا الباب سجّدا، فبدّلوا ذلك وقالوا حنطة،