للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شيء من هذا، فهل أدركنا ضعف هذه اللغة التي صرنا إليها؟ فكيف يراد لها أن تكون لغة العصر والحضارة الجديدة، بغير الجد والعمل الدائب والرجوع الى الأصول! ٢٤- وقال تعالى: حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ [الآية ١٠٥] .

قال الزمخشري «١» : حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ، فيه أربع قراءات: المشهورة، وحقيق عليّ أن لا أقول، وهي قراءة نافع، وحقيق أن لا أقول، وهي قراءة عبد الله، وحقيق بأن لا أقول، وهي قراءة أبيّ.

وفي القراءة المشهورة إشكال، ولا تخلو من وجوه: أحدها: أن تكون مما يقلب من الكلام لأمن الإلباس كقوله:

نزلت بخيل لا هوادة بينها ... وتشقى الرّماح بالضّياطرة الحمر

ومعناه: وتشقى الضياطرة بالرّماح.

والثاني: أن ما لزمك فقد لزمته، فلما كان قول الحق حقيقا عليه، كان هو حقيقا على قول الحق، أي: لازما له.

والثالث: أن يضمّن «حقيق» معنى حريص كما ضمّن «هيّجني» معنى «ذكّرني» في بيت الكتاب «٢» .

والرابع: وهو الأوجه والأدخل في نكت القرآن: أن يغرق موسى في وصف نفسه بالصدق في ذلك المقام، ولا سيما وقد روي أن عدو الله فرعون قال له لما قال: «إني رسول من ربّ العالمين» : كذبت، فيقول: أنا حقيق على قول الحق، أي: واجب علي قول الحق، أن أكون أنا قائله والقائم به، ولا يرضى إلّا بمثلي ناطقا به.

٢٥- وقال تعالى: لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ [الآية ١٢٤] .

«من خلاف» ، أي من كل شقّ طرفا، وهذا يعني قطع اليد اليمنى مع الرجل اليسرى.

فكلمة «الخلاف» مصطلح تاريخي خاص.


(١) . «الكشاف» ٢: ١٣٧- ١٣٨.
(٢) . البيت هو:
إذا تغنّى الحمام الوزق هيّجني، ... وإن تغيّبت عنها، أمّ عمّار