ثم ذكر إذ يغشّيهم النوم ليحصل لهم به الأمن، وما أنزل عليهم من المطر ليطهّرهم به ويذهب عنهم وسوسة الشيطان، وكان المشركون قد سبقوا إلى الماء وغلبوا عليه، وطمعوا أن تكون لهم الغلبة به، وقد عطش المؤمنون وخافوا، وأعوزهم الماء للشرب والطهارة.
ثم ذكر إذ يوحي إلى الملائكة أنه معهم، وأمره لهم بتثبيت المؤمنين، وإخباره لهم بأنه سيلقي الرعب في قلوب المشركين، وأمره لهم بأن يضربوهم فوق الأعناق ويضربوا منهم كل بنان، لأنهم شاقّوا الله ورسوله، والله شديد العقاب، فليذوقوا هذا العذاب في الدنيا ولهم في الاخرة عذاب النار، ثم ذكر نهيه للمؤمنين أن يولّوهم الأدبار عند لقائهم، ووعيده لمن يفعل هذا منهم.
ثم ذكر أنه مع هذا لا يكون المؤمنون هم الذين قتلوهم، ولكنه هو الذي قتلهم بتدبيره لهم، وقد أراد ذلك ليبلي المؤمنين بلاء حسنا على ما أصابهم من المشركين قبل هذه الغزوة، ويوهن كيدهم بمن قتل من صناديدهم، ثم ذكر للمشركين أنهم إن يستنصروا بالهتهم فقد جاءهم استنصارهم بنصر المؤمنين عليهم، وإن ينتهوا عن القتال فهو خير لهم، وإن يعودوا إليه يعد إليهم بمثل ذلك النصر، ولن تغني عنهم فئتهم شيئا ولو كثرت.
ثم أخذ السياق في وعظهم بما يناسب مقام هذه الوقائع، فأمرهم سبحانه أن يستجيبوا له ولرسوله، ولا يتنازعوا فيما يدعوهم إليه، كما تنازعوا في تقسيم الأنفال، وفي دعوتهم إلى القتال، ثم حذّرهم أن يصيبهم بالخلاف والتنازع فتنة تعمّ الظالم وغيره منهم، وأمرهم أن يذكروا وهم قليل مستضعفون بمكة، فاواهم في المدينة ونصرهم بفضل طاعتهم، وإذعانهم له ولرسوله.
ثم نهاهم أن يخونوا الله ورسوله بالتّجسّس للأعداء وغيره، وأمرهم أن يعلموا أن أموالهم وأولادهم فتنة لهم، فلا يقاتلوا لأجل الغنائم، ولا يفتتنوا بها، كما افتتنوا في غنائم بدر، ثم ذكر لهم أنهم إن يتقوه ينصرهم على الكفار، ويغفر لهم ما حصل منهم.