والتصدية في موضع الصلاة، وذلك أنّهم كانوا يطوفون بالبيت عراة:
الرجال والنساء، وهم مشبّكون بين أصابعهم، يصفرون فيها ويصفّقون، وكانوا يفعلون نحو ذلك، إذا قرأ رسول الله (ص) في صلاته، يخلطون عليه.
أقول: والمكاء والتصدية، من الكلم ذي الدلالة التاريخية المفيدة.
٨- وقال تعالى: وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ [الآية ٣٩] .
أقول: إن الفعل «تكون» ، فعل على نمط الأفعال التي تكتفي بالمرفوع الفاعل. وهو الذي يدعوه النحاة، «التام» غير الناقص الذي يقتضي مرفوعا ومنصوبا. وهذا الضرب من الفعل كثير في العربية القديمة، قليل جدا في العربية المعاصرة، بل قل: إن المعاصرين يجهلونه، فلا يرد في كلامهم وأدبهم.
ومثله قوله تعالى: إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسادٌ كَبِيرٌ (٧٣) .
وقوله تعالى: وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ [المائدة: ٧١] .
وقوله تعالى: إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٨٢) [يس] .
وغير ذلك من الآيات.
وأنت تقف على الفعل التام في الأدب القديم، وفي أسلوب القصص كأن يقال: فكان اليوم الثالث، وحدث فيه كذا وكذا.
٩- وقال تعالى: لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ [الآية ٤٢] .
أقول: هذه هي القراءة المشهورة، وقرأ أهل المدينة: «ويحيا من حيي عن بينة» .
قال الفرّاء: كتابتها على الإدغام بياء واحدة، وهي أكثر قراءات القراء، وإنما أدغموا الياء في الياء، وكان ينبغي ألّا يفعلوا لأن الياء، الأخيرة لزمها النصب في «فعل» ، فأدغم لمّا التقى حرفان متحرّكان من جنس واحد، قال: ويجوز الإدغام في الاثنين، للحركة اللازمة للياء الأخيرة، فتقول:
حيّا، وحيّيا.
وينبغي للجمع أن لا يدغم إلا بياء، لأنّ الياء يصيبها الرفع وما قبلها مكسور، فينبغي لها أن تسكّن فتسقط بواو الجماعة، وربّما أظهرت العرب الإدغام في الجمع إرادة تأليف