بأموالهم وأنفسهم، وتثبيطهم الناس عن هذه الغزوة وأوعدهم الله وسبحانه، على ذلك بما أوعدهم به، ثم أمر النبي (ص) ألّا يأذن لهم في الخروج بعد ذلك إذا استأذنوه فيه، وألّا يشركهم معه في قتال عدو، ونهاه نهيا قاطعا أن يصلّي على أحد منهم مات، وأن يقوم على قبره وأن تمتدّ عينه إلى أموالهم وأولادهم، كما كان يفعل قبل ذلك من أخذ أموالهم، وقبول تخلفهم ثم وبّخ أصحاب الأموال منهم على ما كانوا يفعلونه من ذلك، ورضاهم بأن يقعدوا مع الخوالف من النساء والولدان ثم ذكر أن الرسول والمؤمنين على خلاف ما يفعل أولئك المنافقون، وأنه أعدّ لهم على ذلك ما أعدّ من جنات النعيم.
ثم شرع السياق في بيان ما حصل من منافقي الأعراب في تلك الغزوة، وكان ما سبق في منافقي المدينة، فذكر، جلّت قدرته، أن المعذّرين منهم جاءوا ليؤذن لهم في القعود، وهم الذين يعتذرون بلا عذر، وأن بعضهم قعد ولم يعتذر جراءة على الله ورسوله فأوعدهم سبحانه، بأنهم سيصيبهم عذاب أليم ثم نفي الحرج عمّن قعد بعذر لضعفه أو لأنه لا يجد الأهبة والزاد والراحلة، فهؤلاء ليس عليهم من سبيل، والله غفور رحيم، إنما السبيل على الذين يستأذنون وهم أغنياء، ولا ضعف فيهم ثم ذكر أنهم سيعتذرون إليهم بعد رجوعهم من الغزو، ونهى النبي (ص) عن قبول عذرهم وذكر أنهم سيحلفون لهم أنهم لم يقدروا على الخروج، ليعرضوا عنهم ولا يوبّخوهم وأمرهم أن يعرضوا عنهم، إعراض مقت وسخط ثم ذكر أن منافقي الأعراب أشدّ كفرا ونفاقا وجهلا من منافقي المدينة وأن منهم من يعتقد أن ما ينفقه في سبيل الله غرامة وخسران، ويتربص بالمسلمين الدوائر بظهور أعدائهم عليهم ثم ذكر أن من الأعراب من يخلص في إيمانه، وأنه سيدخلهم في رحمته وأن السابقين الأوّلين من المهاجرين والأنصار والذين اتّبعوهم بإحسان، لهم درجات أعلى منهم، لأن الأعراب، وإن أخلصوا في إيمانهم، ليس لهم مثل سبقهم وجهادهم.