عقوباتهم، فكرر النهي عنه تأكيدا له، وذكر انه لا يصح أن يقتدوا، في هذا، باستغفار إبراهيم لأبيه، لأنه لم يستغفر له إلّا بعد أن وعده أن يؤمن، فلما لم يف بوعده تبرّأ منه، وترك الاستغفار له ثم ذكر أنه لا يؤاخذهم بما سبق منهم فيضلّهم، لأنه لا يؤاخذ قوما بعد إذ هداهم، حتى يبيّن لهم ما يتّقون، ثم ذكّرهم بكمال علمه، وواسع ملكه، لينقادوا لنهيه، ويستغنوا به، عن أولئك المنافقين.
وكان قد حصل من النبي (ص) والمؤمنين بعض ما يؤاخذون عليه في تلك الغزوة، كإذنه (ص) للمنافقين في القعود، وتأثّر بعض المؤمنين بتثبيط المنافقين. فذكر أنه تاب عليهم من تلك الزلّات وعلى الثلاثة الذين تخلّفوا منهم، ثم ندموا وتابوا، وهم كعب بن مالك وهلال بن أمية ومرارة بن الربيع، فتاب عليهم بعد أن ضاقت عليهم الأرض بما رحبت، وضاقت عليهم أنفسهم، وظنّوا أن لا ملجأ من الله إلّا إليه وأمرهم بأن يتّقوه، ويكونوا مع الصادقين.
ثم ذكر أنه ما كان لأهل المدينة، ومن حولهم من الأعراب، على العموم، أن يتخلفوا عن النبي (ص) ، لأنهم لا يصيبهم شيء في الجهاد، ولا ينالون ظفرا على العدو، إلّا كتب لهم به عمل صالح، ولا ينفقون نفقة، ولا يقطعون واديا إلّا كتب لهم ثم ذكر أنه لا يكلفهم كلّهم أن ينفروا إلى النبي (ص) ، وإنّما يكلفهم أن تنفر من كل فرقة منهم طائفة إليه، ليتفقّهوا في الدين، ويشاركوه في الجهاد، وينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم.
ثم أمر المؤمنين أن يقاتلوا الذين يلونهم من الكفار، وهم المنافقون وقد أمر النبي (ص) بجهادهم فيما سبق، فأعاده تأكيدا له، والمراد من قتالهم، أن يظهروا العداوة لهم بالتشديد والتغليظ عليهم كما سبق ثمّ حرّضهم عليهم، فذكر أنهم إذا أنزلت سورة من القرآن، فمنهم من يقول:
أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً [الآية ١٢٤] وأجاب عن قولهم بأن المؤمنين يزدادون بها إيمانا. وأما هم فيزدادون بها نفاقا إلى نفاقهم ثم وبّخهم بأنهم يفتنون في نفاقهم كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لا يَتُوبُونَ وَلا هُمْ