ولا يذكر في هذه الحلقة موضوع السفينة ولا من ركب فيها ولا الطوفان ولا التفصيلات الواردة في سور أخرى. لأن الهدف هنا هو إبراز التحدي الذي واجه نوحا (ع) من قومه، واستعانته بالله تعالى، ونجاته ومن معه وهم قلة، وهلاك المكذبين له وهم كثرة وقوة. لذلك يختصر السياق هنا تفصيلات القصة التي يقصها إلى حلقة واحدة، ويختصر تفصيلات الحلقة الواحدة إلى نتائجها الأخيرة وهي نجاة نوح (ع) ومن آمن معه في السفينة واستخلافهم في الأرض على قلّتهم، وإغراق المكذبين على قوّتهم وكثرتهم. قال تعالى:
وأما قصة موسى (ع) ، فيبدأه السياق من مرحلة التكذيب والتحدي، وينهيها عند غرق فرعون وجنوده، وإذا كانت قصة نوح (ع) قد ذكرت في أربع آيات فقط، هي الآيات [٧١- ٧٤] من سورة يونس، فإن قصة موسى (ع) قد ذكرت على نطاق أوسع خلال ثماني عشرة آية، هي الآيات [٧٥- ٩٣] .
وقد ألمّت قصة موسى بالمواقف ذات الشبه، بموقف المشركين في مكة من الرسول (ص) وموقف القلّة المؤمنة التي معه. وهذه الحلقة المعروضة هنا من قصة موسى (ع) ، مقسّمة إلى ثلاثة مواقف يليها تعقيب يتضمّن العبرة من عرضها في هذه السورة، على النحو الذي عرضت به. وهذه المواقف الثلاثة تتابع في السياق على هذا النحو:
أولا: وصول موسى (ع) إلى فرعون ومعه آيات تسع ذكرت في سورة الأعراف، ولكنها لم تذكر في سورة يونس، ولم تفصّل لأن السياق لا يقتضيها، والإجمال في هذا الموضع يغني، والمهم هو تلقي فرعون وملئه لآيات الله، لقد استقبلوها بالظلم والاستكبار قال تعالى:
ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى وَهارُونَ إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ بِآياتِنا فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ (٧٥) فَلَمَّا جاءَهُمُ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا إِنَّ هذا لَسِحْرٌ مُبِينٌ (٧٦) ادّعى فرعون أن معجزة موسى سحر ظاهر، وجمع له كبار السحرة، وأرادوا أن يغرقوا الجماهير في صراع السحر،