للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذكر شبهتهم الأولى على تنزيله، وهي استنكارهم أن ينزل على رجل منهم، لينذرهم بما جاء فيه من البعث والعقاب والثواب، وزعمهم أن هذا سحر باطل لا حقيقة له ثم أجابهم بإثبات قدرته على بعثهم وعقابهم وثوابهم، فذكر، سبحانه، أنه هو ربهم الذي خلق السماوات والأرض ثم استوى على العرش يدبر أمره وحده، ولا يشفع أحد عنده إلّا بإذنه ولا بدّ من رجوعنا إليه ليجزي المؤمنين بالقسط، ويعاقب الكافرين على كفرهم ثم ذكر أنه هو الذي جعل الشمس ضياء والقمر نورا وقدّره منازل لنعلم عدد السنين والحساب، وأن في اختلاف الليل والنهار، وما خلقه في السماوات والأرض لآيات لقوم يتّقون.

ثم أوعد الذين لا يؤمنون بلقائه بأن مأواهم النار، ووعد المؤمنين جنات تجري من تحتها الأنهار في جنات النعيم دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (١٠) .

ثم ذكر، جلّ شأنه، أنه لو يعجّل لهم العقاب في الدنيا، كما يعجل لهم الخير فيها، لعجل بهلاكهم، ولكنه لم يرد هذا ليذرهم في طغيانهم يعمهون.

ويكون عقابهم، بعد إمهالهم، قطع عذرهم ثم ذكر أنه إذا مس الإنسان ضرّ، من جنس ما ينذر به دعاه إلى كشفه، فإذا كشفه عنه، عاد إلى كفره ونسي دعاءه له، ليثبت بهذا أن تعجيل العذاب لهم لا يؤثّر فيهم ثم ذكر أنه قد عجل العذاب لمن كفر قبلهم، فلم يؤمنوا وأصرّوا على كفرهم، وأنه جعلهم خلائف في الأرض، من بعدهم، لينظر كيف يعملون.

ثم ذكر تعالى شبهتهم الثانية على تنزيل القرآن، وهي أنهم إذا تتلى عليهم آياته، يطلبون أن يأتيهم بقرآن غير هذا، أو يبدله لهم، ثم أمره أن يجيبهم بأنه لا يمكنه أن يفعل ذلك من نفسه، لأنه لا يتّبع إلّا ما يوحى إليه، ويخاف عذاب يوم عظيم إن عصى ربه، وبأنه قد لبث فيهم عمرا من قبله، لا يتلو عليهم كتابا ولا يجلس إلى معلّم، فلا يمكن أن يكون هذا القرآن منه ثم ذكر أنه لا يوجد أظلم ممّن افترى عليه كذبا أو كذّب بآياته كما يفعلون، وأوعدهم على هذا، بأنهم لا يفلحون ثم ذكر أنهم يعبدون ما لا يضرّهم ولا ينفعهم، ويزعمون أنهم شفعاؤهم عنده،