بكر بن السّرّاج، وأبو عليّ الفارسي، وأبو الفتح بن جني.
واستشهدوا مع ذلك بقول الشاعر:
إن هو مستوليا على أحد إلّا على أضعف المجانين وقال آخر:
إن المرء ميتا بانقضاء حياته ولكن بأن يبغى عليه فيخذلا وذكر ابن جني في «المحتسب» أنّ سعيد بن جبير، رضي الله عنه، قرأ:
(إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم) [الأعراف/ ١٩٤] .
أقول:
لا أريد أن أناقش عمل «إن» فتلك مسألة ضعيفة يعوزها الشاهد الآية، والشاهد الشعري الصحيح، ذلك بأن قراءة سعيد بن جبير قراءة خاصة، والقراءات الكثيرة تجمع على: إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ فَادْعُوهُمْ «١» .
فليس في الآية «إن» النافية، بل هي «إنّ» المشبهة بالفعل للتوكيد، المشدّدة النون، وعلى هذا ليس في آي القرآن «إن» النافية التي تعمل عمل «ليس» .
أما البيتان اللذان ادّعي أنهما شاهدان في «إن» النافية العاملة، فهما بيتان يتيمان لا يعرف لهما قائل.
ومجموع هذه الشواهد، على ضعفها، يشير إلى أن الأداة غير عاملة على النحو الذي أرادوا.
غير أنّ «إن» النافية قد وجدت في آيات القرآن داخلة على الجملة اسمية وفعلية تنفيهما، ولكن النفي، في جميع الشواهد الآيات، منتقض ب «إلّا» .
أقول: ولولا «إلا» هذه، لكان السامع والقارئ في حيرة وإشكال من أمر هذه الأداة النافية «إن» ، لأن هذه الأداة على عدة أحوال فهي شرطية، وهي مخففة وهي زائدة. غير أن وجود «إلّا» جعل القارئ والسامع يدرك أنها نافية، ودونك طائفة من الآيات التي وردت فيها «إن» النافية:
إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٣١) [الأنفال] .
إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ [الأنفال/ ٣٤] .
(١) . وعليها رسم المصحف الشريف.