قلنا: قالوا فائدة تخصيص هذه السورة بذلك، زيادة تشريفها وتفضيلها مع مشاركة غيرها إيّاها في ذلك، كما في قوله تعالى: وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ [الجن/ ١٨] وقوله تعالى: وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ بعد قوله سبحانه وَمَلائِكَتِهِ [البقرة/ ٩٨] وقوله تعالى:
وَالصَّلاةِ الْوُسْطى بعد قوله الصَّلَواتِ [البقرة/ ٢٣٨] ووجه المشابهة بينهما، أنه حمل قوله تعالى:
وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ على التشريف والتفضيل، عند تعذّر حمله على تعليق العداوة به، لئلّا يلزم تحصيل الحاصل وكذا في المثال الأخير تعذّر حمله على إيجاب المحافظة لما قلنا وهنا تعذر حمله على حقيقته، وهو الجنس بأن حقيقته انحصار كل حق في هذه السورة وهو منتف، أو حمل الحق على معهود سابق، وهو منتف، وحمله على بعض الحق، يلزم منه وصف هذه السورة بوصف مشترك بينها وبين كل السور، وأنه لا يحسن، كما لو قال:
وجاءك في هذه الحق آيات الله أو كلام الله أو كلام معجز، فجعل مجازا عن التفضيل والتشريف.
وقيل: الإشارة بهذه إلى الدنيا لا إلى السورة، والجمهور على القول الأول.
ولا يقال إنّما خصّت هذه السورة بذلك لأن فيها الأمر بالاستقامة بقوله تعالى فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ [الآية ١١٢] والاستقامة من أعلى المقامات عند العارفين، لأنّا نقول الأمر بالاستقامة جاء أيضا في قوله تعالى: وَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ [الشورى/ ١٥] ولا يصلح هذا علّة للتخصيص، والله أعلم.