العذاب في موضع البشارة لغيرهم باستحقاق الثواب، جاز أن يسمّى في ذلك بشارة.
وقوله سبحانه: ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْقُرى نَقُصُّهُ عَلَيْكَ مِنْها قائِمٌ وَحَصِيدٌ (١٠٠) وهذه استعارة. والمعنى: منها قائم البناء، خال من الأهل، ومنها منقوص الأبنية، ملحق بالأرض، تشبيها بالزرع المحصود. الى هذا المعنى يومئ قوله تعالى: فَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها وَهِيَ ظالِمَةٌ فَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَشِيدٍ (٤٥) .
وقوله سبحانه: وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها [البقرة/ ٢٥٩] والعروش الأبنية. أي خالية من أهلها، على ما فيها من بواقي أبنيتها.
وقد يجوز أن يكون ذلك كناية عن أهل القرى، فكأنه سبحانه شبّه الأحياء الباقين بالزرع النامي، وشبه الأموات الهالكين بالزرع الذاوي. وذلك أحسن تمثيل، وأوقع تشبيه.
وقوله سبحانه: وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١١٩) . وهذه استعارة. والمراد هاهنا بتمام كلمة الله سبحانه صدق وعيده، الذي تقدّم الخبر به، وتمام وقوع مخبره مطابقا لخبره.