الملك، وثانيهما كان صاحب شرابه، فقصّ عليه صاحب الشراب، أنه رأى أنه يعصر خمرا، وقصّ عليه صاحب الطعام أنه رأى أنه يحمل فوق رأسه خبزا تأكل الطير منه، وطلبا منه أن يؤوّل لهما رؤياهما، فأخبرهما بأنه سيؤوّل لهما ذلك قبل أن يأتيهما طعامهما، وأن علمه بتأويل الرؤيا ممّا علّمه ربّه، لأنه ترك ملّة من لا يؤمنون به ولا باليوم الآخر، واتّبع ملّة آبائه إبراهيم وإسحاق ويعقوب، ثم بيّن لهما بطلان ما يعبدانه من دون الله، وأوّل لصاحب الشراب رؤياه بأنه سيعود إلى عمله عند الملك، وأوّل لصاحب الطعام رؤياه، بأنه سيصلب فتأكل الطير من رأسه، وطلب من صاحب الشراب أن يذكره عند الملك، إذا عاد إلى عمله، فلما عاد إلى عمله نسي أن يذكره عند الملك، فلبث في السجن بضع سنين.
ثم ذكر تعالى أن الملك رأى سبع بقرات سمان، يأكلهن سبع عجاف وسبع سنبلات خضر وأخرى يابسات، وطلب من قومه أن يؤوّلوا له هذه الرؤيا، فعجزوا عن تأويلها له، فطلب منهم صاحب الشراب، أن يرسلوه إلى يوسف ليؤوّلها، فلما قصّها عليه، أخبره بأنهم يزرعون سبع سنين متوالية، وأوصاهم أن يتركوا ما يحصدونه في سنبله، لئلّا يأكله السوس، ولا يأكلوا إلا قليلا منه ثم أخبره بأنه سيأتي بعد ذلك سبع سنين مجدبات، يأكلون فيها ما ادّخروه لها، ثم يعودون إلى الخصب كما كانوا قبل الجدب، فلما عاد صاحب الشراب إلى الملك، وأخبره بهذا التأويل، طلب أن يأتوه بيوسف من السجن، فلمّا جاءه الرسول أمره أن يرجع إلى الملك، فيسأله عن حال النسوة اللاتي قطّعن أيديهن، لينكشف أمرهن وتعلم براءته ممّا اتهمنه به، فسألهن الملك عن خطبهن، إذ راودن يوسف عن نفسه، فأجبن بأنهن لم يعلمن عليه من سوء، واعترفت امرأة العزيز بأنها هي التي راودته عن نفسه.
ثم ذكر تعالى، أن الملك أمر أن يأتوه به ليستخلصه لنفسه، فلمّا أتاه وكلّمه، أخبره بأن قد صار عنده مكينا أمينا فطلب منه يوسف أن يجعله أميرا على خزائن أرض مصر، ليدبّر أمورها في سني الجدب، فأجابه الملك إلى ما طلب من ذلك، ثم ذكر تعالى أن إخوة