للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المرض والسفر في هذه الآية، وقد تقدم ذلك؟ قيل: لأن في الآية المتقدمة منسوخاً، فأعاده لئلا يكون مقروناً بالمنسوخ. قوله تعالى: يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ، قال ابن عباس، ومجاهد وقتادة والضحاك: اليسر: الإِفطار في السفر، والعسر: الصوم فيه. وقال عمر بن عبد العزيز: أي ذلك كان أيسر عليك فافعل: الصوم في السفر، أو الفطر. قوله تعالى: وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ، قرأ ابن كثير، ونافع، وابن عامر، وحمزة، والكسائي: «ولتكملوا» باسكان الكاف خفيفة. وقرأ أبو بكر عن عاصم بتشديد الميم، وذلك مثل: «وصّى» و «أوصى» وقال ابن عباس: ولتكملوا عدة ما أفطرتم. وقال بعضهم: المراد به: لا تزيدوا على ما افترض، كما فعلت النصارى، ولا تنقلوه عن زمانه كما نقلته، وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ، قال ابن عباس: حق على المسلمين إذا نظروا إلى هلال شوال، أن يكبروا لله حتى يفرغوا من عيدهم. فان قيل: ما وجه دخول الواو في قوله: وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ، وليس هناك ما يعطف عليه؟ فالجواب: أن هذه الواو عطفت اللام التي بعدها على لام محذوفة، والمعنى: ولا يريد بكم العسر، ليسعدكم، ولتكملوا العدة، فحذفت اللام الأولى لوضوح معناها، ذكره ابن الأنباري.

فصل: ومن السنة إظهار التكبير ليلة الفطر، وليلة النحر، وإذا غدوا إلى المصلَّى. واختلفت الرواية عن أحمد، رضي الله عنه، متى يقطع في عيد الفطر، فنقل عنه حنبل: يقطع بعد فراغ الإمام من الخطبة. ونقل الأثرم: إذا جاء المصلَّى، قطع. قال القاضي أبو يعلى: يعني: إذا جاء المصلى وخرج الإمام «١» .


(١) قال الإمام الموفق رحمه الله في «المغني» ٣/ ٢٨٧- ٢٩٢ ما ملخصه: لا خلاف بين العلماء، رحمهم الله، في أن التكبير مشروع في عيد النحر واختلفوا في مدته، فذهب إمامنا، رضي الله عنه، إلى أنه من صلاة الفجر يوم عرفة إلى العصر في آخر أيام التشريق، وهو قول عمر، وعلي، وابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهم. وإليه ذهب الثوري، وابن عينية وأبو يوسف ومحمد والشافعي في بعض أقواله. وعن ابن مسعود أنه كان يكبر من غداة عرفة إلى العصر من يوم النحر. وإليه ذهب علقمة، والنخعي، وأبو حنيفة، لقوله: وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُوماتٍ وهي العشر، وأجمعنا على أنه لا يكبّر قبل يوم عرفة، فينبغي أن يكبر يوم عرفة ويوم النحر.
وعن ابن عمر وعمر بن عبد العزيز، أن التكبير من صلاة الظهر يوم النحر إلى الصبح من آخر أيام التشريق.
وبه قال مالك، والشافعي في المشهور عنه لأن الناس تبع للحاج، والحاجّ يقطعون التلبية مع أول حصاة.
ويكبرون مع الرمي، وإنما يرمون يوم النحر، فأول صلاة بعد الظهر وآخر صلاة يصلون بمنى الفجر من اليوم الثالث من أيام التشريق. ولنا ما روى جابر أن النبي صلّى الله عليه وسلّم صلى الصبح يوم عرفة وأقبل علينا، فقال: «الله أكبر، الله أكبر» . ومدّ التكبير إلى العصر من آخر أيام التشريق. أخرجه الدارقطني من طرق، وفي بعضها: «الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد» ولأنه إجماع الصحابة رضي الله عنهم، روي ذلك عن عمر وعلي وابن عباس وابن مسعود. رواه سعيد عن عمر وعلي وابن عباس وروى بإسناده عن عمير بن سعيد، أن عبد الله كان يكبر من صلاة الغداة يوم عرفة إلى العصر من يوم النحر، فأتانا علي بعده فكبّر من غداة عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر ولله الحمد. قيل لأحمد، رحمه الله: بأي حديث تذهب، إلى أن التكبير من صلاة الفجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق؟ قال: بالإجماع، عمر، وعلي، وابن عباس وابن مسعود، رضي الله عنهم، ولأن الله تعالى قال: وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ وهي أيام التشريق، فيتعين الذكر في جميعها.
- وصفة التكبير: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر ولله الحمد. وهذا قول عمر، وعلي، وابن مسعود. وبه قال الثوري وأبو حنيفة، وإسحاق، وابن المبارك، إلا أنه زاد: على ما هدانا. لقوله:
لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ.

<<  <  ج: ص:  >  >>