للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تعالى: تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ «١» ، وأنشدوا:

بِوَادٍ يَمَانٍ يُنْبِتُ الشَّثَّ صَدْرُهُ ... وأسْفَلُهُ بالمَرْخِ والشَّبَهانِ «٢»

المعنى: وأسفله ينبت المرخ وقال آخر:

هُنَّ الحرائر لا ربَّاتُ أَخْمِرَةٍ ... سودُ المحاجرِ لا يَقْرأْنَ بالسُّوَرِ «٣»

وقال آخر:

نحن بَنو جَعْدة أربابُ الفَلَج ... نَضرِب بالسَّيف ونرجو بالفَرَج «٤»

هذا قول جمهور اللغويين. قال ابن قتيبة: والباء قد تزاد في الكلام، كهذه الآية، وكقوله تعالى:

اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ «٥» وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ «٦» بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ (٦) «٧» تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ «٨» عَيْناً يَشْرَبُ بِها «٩» أي: يشربها وقد تزاد «من» ، كقوله تعالى: ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ «١٠» ، وتزاد «اللام» كقوله تعالى: لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ «١١» ، والكاف، كقوله تعالى: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ «١٢» ، و «عن» ، كقوله تعالى: يُخالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ «١٣» ، و «إنّ» ، كقوله تعالى فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ «١٤» و «إِنْ» الخفيفة، كقوله تعالى: فِيما إِنْ مَكَّنَّاكُمْ فِيهِ «١٥» ، و «ما» ، كقوله تعالى: عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نادِمِينَ «١٦» ، و «الواو» ، كقوله تعالى: وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنادَيْناهُ «١٧» .

وفي المراد بهذا الإِلحاد خمسة أقوال «١٨» : أحدها: أنه الظلم، رواه العوفي عن ابن عباس. وقال مجاهد: هو عمل سيئة فعلى هذا تدخل فيه جميع المعاصي، وقد روي عن عمر بن الخطاب أنه قال:

لا تحتكروا الطعام بمكة، فإن احتكار الطعام بمكة إِلحاد بظلم. والثاني: أنه الشرك، رواه ابن أبي طلحة عن ابن عباس. وبه قال الحسن، وقتادة. والثالث: الشرك والقتل، قاله عطاء. والرابع: أنه استحلال محظورات الإِحرام، وهذا المعنى محكيٌّ عن عطاء أيضاً. والخامس: استحلال الحرام تعمُّداً، قاله ابن جريج.


(١) سورة المؤمنون: ٢٠.
(٢) البيت: للأحوال اليشكري واسمه يعلى كما في «اللسان» - شث- و «مجاز القرآن» ٢/ ٤٨ والشّث: شجر طيب الريح، مرّ الطعم يدبغ به. والمرخ: شجر كثير الوري سريعه، وفي المثل: في كل شجر نار، واستمجدَ المرْخُ والعَفَارُ واستمجد: استفضل، ومنه الزناد الذي يقتدح به. والشبهان: نبت يشبه الثّمام. [.....]
(٣) البيت في «اللسان» - سور- و «مجاز القرآن» ١/ ٤ و «الخزانة» ٣/ ٦٦٨.
(٤) البيت لراجز من بني جعدة كما في «الخزانة» ٤/ ١٥٩.
(٥) سورة العلق: ١.
(٦) سورة مريم: ٢٤.
(٧) سورة القلم: ٦.
(٨) سورة الممتحنة: ١.
(٩) سورة الإنسان: ٦.
(١٠) سورة الذاريات: ٥٧.
(١١) سورة الأعراف: ١٥٤.
(١٢) سورة الشورى: ١١.
(١٣) سورة النور: ٦٣.
(١٤) سورة الجمعة: ٨.
(١٥) سورة الأحقاف: ٢٦.
(١٦) سورة المؤمنون: ٤٠. [.....]
(١٧) سورة الصافات: ١٠٣، ١٠٤.
(١٨) قال الطبري رحمه الله في «تفسيره» ٩/ ١٣٢: وأولى الأقوال بالصواب قول ابن عباس وابن مسعود: من أنه معني بالظلم في هذا الموضع كل معصية لله وذلك أن الله عمّ بقوله وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحادٍ بِظُلْمٍ ولم يخصص، فهو على عمومه.

<<  <  ج: ص:  >  >>