للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكرنا سبب هذه البَيْعة آنفاً. وإِنما سمِّيتْ بَيْعةَ الرّضوان، لقوله: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ. روى إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه، قال:

(١٢٩١) بينما نحن قائلون زمن الحديبية، نادى منادي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أيها الناس، البَيْعةَ، البَيْعةَ، نَزَل روح القُدُس، قال: فثرنا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو تحت شجرة سَمُرة، فبايَعْناه.

(١٢٩٢) وقال عبد الله بن مغفّل: كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم تحت الشجرة يبايع الناس، وإِنِّي لأرفع أغصانَها عن رأسه. وقال بكير بن الأشج: كانت الشجرة بفجٍّ نحو مكة. قال نافع: كان الناس يأتون تلك الشجرة فيصلُّون عندها، فبلغ ذلك عمرَ بن الخطاب، فأوعدهم فيها، وأمر بها فقُطِعتْ.

قوله تعالى: فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ أي: من الصِّدق والوفاء، والمعنى: علم أنهم مُخْلِصون فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ يعني الطُّمأنينة والرِّضى حتى بايَعوا على أن يقاتِلوا ولا يَفِرُّوا وَأَثابَهُمْ أي: عوَّضهم على الرِّضى بقضائه والصَّبر على أمره فَتْحاً قَرِيباً وهو خيبر، وَمَغانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَها أي: من خيبر، لأنها كانت ذا عَقار وأموال. فأمّا قوله بعد هذا: وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها فقال المفسرون: هي الفُتوح التي تُفْتَح على المسلمين إِلى يوم القيامة. فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ فيها قولان:

أحدهما: أنها غنيمة خيبر، قاله مجاهد وقتادة والجمهور. والثاني: أنه الصُّلح الذي كان بين رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وبين قريش، رواه العوفي عن ابن عباس.

قوله تعالى: وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ فيهم ثلاثة أقوال «١» : أحدها: أنهم اليهود همُّوا أن يغتالوا عيال المسلمين الذين خلّفوهم في المدينة، فكفَّهم اللهُ عن ذلك، قاله قتادة. والثاني: أنهم أسد وغطفان جاءوا لينصروا أهل خيبر، فقَذَفَ اللهُ في قلوبهم الرُّعب فانصرفوا عنهم، قاله مقاتل. وقال الفراء:

كانت أسد وغطفان مع أهل خيبر، فقصدهم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فصالحوه، وخلَّوا بينه وبين خيبر. وقال غيرهما: بل همَّت أسد وغطفان باغتيال أهل المدينة، فكفَّهم اللهُ عن ذلك. والثالث: أنهم أهل مكة كفَّهم اللهُ بالصلح، حكاهما الثعلبي وغيره. ففي قوله: «عنكم» قولان: أحدهما: أنه على أصله، قاله الأكثرون. والثاني: عن عيالكم، قاله ابن قتيبة، وهو مقتضى قول قتادة. وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ في المشار إليها قولان: أحدهما: أنها الفَعْلة التي فَعَلها بكم من كَفِّ أيديهم عنكم كانت آيةً للمؤمنين، فعَلِموا أن الله تعالى متولَّي حراستهم في مَشهدهم ومَغيبهم. والثاني: أنها خيبر كان فتحها علامةً للمؤمنين في تصديق رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيما وعدهم به.


ضعيف. أخرجه ابن أبي حاتم كما في «تفسير ابن كثير» ٤/ ٢٢٥ وفيه موسى بن عبيدة وهو الربذي ضعيف الحديث، والمتن غريب. وانظر «تفسير ابن كثير» ٤/ ٢٢٥ بتخريجنا.
صحيح. أخرجه النسائي ٥٣١ في «التفسير» والطبري ٣١٥٥٤ من حديث عبد الله بن مغفل بإسناد صحيح على شرط مسلم. وورد من حديث معقل بن يسار عند مسلم ١٨٥٨ كما سبق في الحديث ١٢٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>