للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الميزان يوم القيامة، قاله ابن زيد. والرابع: أنه المهيب، كما يقال للرجل العاقل: هو رزين راجح، قاله عبد العزيز بن يحيى. والخامس: أنه ليس بالخفيف ولا السفساف، لأنه كلام الربّ عزّ وجلّ، قاله الفراء. والسادس: أنه قول له وزن في صحته وبيانه ونفعه، كما تقول: هذا كلام رصين، وهذا قول له وزن: إذا استجدته، ذكره الزّجّاج.

قوله عزّ وجلّ: إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ قال ابن مسعود، وابن عباس: هي قيام الليل بلسان الحبشة.

وهل هي في وقت مخصوص من الليل، أم في جميعه؟ فيه قولان:

أحدهما: أنها في جميع الليل. وروى ابن أبي مليكة عن ابن عباس أنه قال: الليل كلُّه ناشئة.

وإلى هذا ذهب اللغويون. قال ابن قتيبة: ناشئة الليل: ساعاته الناشئة، من نشأتْ: إذا ابتدأتْ. وقال الزجاج: ناشئة الليل: ساعات الليل، كلّ ما نشأ منه، أي: كلّ ما حدث. قال أبو علي الفارسي: كأن المعنى: إن صلاة ناشئة الليل، أو عمل ناشئة الليل.

والثاني: أنها في وقت مخصوص من الليل. وفيه خمسة أقوال «١» : أحدها: أنها ما بين المغرب والعشاء، قاله أنس بن مالك. والثاني: أنها القيام بعد النوم، وهذا قول عائشة، وابن الأعرابي. وقد نصّ عليه الإمام أحمد في رواية المروذي. والثالث: أنها ما بعد العشاء، قاله الحسن، ومجاهد، وقتادة، وأبو مجلز. والرابع: أنها بَدْءُ الليل، قاله عطاء، وعكرمة. والخامس: أنها القيام من آخر الليل، قاله يمان، وابن كيسان.

قوله عزّ وجلّ: هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً قرأ ابن عامر، وأبو عمرو «وِطاءً» بكسر الواو مع المد، وهوَ مصدر واطأت فلاناً على كذا مواطأة، وأراد أن القراءة في الليل يتواطأ فيها قلب المصلي ولسانه وسمعه على التفهُّم للقرآن والإحكام لتلاوته. ومنه قوله تعالى: لِيُواطِؤُا عِدَّةَ ما حَرَّمَ اللَّهُ «٢» . وقرأ الباقون «وَطْأً» بفتح الواو مع القصر. والمعنى: إنه أثقل على المصلي من ساعات النهار، من قول العرب:

اشتدت على القوم وَطْأَةُ السلطان: إذا ثقل عليهم ما يلزمهم.

(١٤٩٥) ومنه قول النبيّ صلّى الله عليه وسلم: «اللهم اشدد وطأتك على مضر» . ذكر معنى القراءتين ابن قتيبة.

وقرأ ابن محيصن «أشد وطاء» بفتح الواو، والطاء، وبالمدّ.

قوله عزّ وجلّ: وَأَقْوَمُ قِيلًا أي: أخلص للقول وأسمع له، لأن الليل تهدأ فيه الأصوات فتخلص القراءة، ويفرغ القلب لفهم التلاوة، فلا يكون دون سمعه وتفهّمه حائل.

قوله عزّ وجلّ: إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلًا أي: فراغا لنومك وراحتك، فاجعل ناشئة الليل


متفق عليه، وتقدّم.

<<  <  ج: ص:  >  >>