للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنزلت: ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً ... الآيات كلُّها.

(١٤٩٩) وقال مجاهد: قال الوليد لقريش: إن لي إِليكم حاجة فاجتمعوا في دار الندوة، فقال:

إنكم ذوو أحساب وأحلام، وإن العرب يأتونكم، وينطلقون من عندكم على أمر مختلف، فأجمعوا على شيء واحد. ما تقولون في هذا الرجل؟ قالوا: نقول: إِنه شاعر. فعبس عندها، وقال: قد سمعنا الشعر فما يشبه قوله الشعر. فقالوا: نقول: إنه كاهن، قال: إِذن يأتونه فلا يجدونه يحدث بما يحدث به الكهنة، فقالوا: نقول: إِنه مجنون، قال: إذن يأتونه فلا يجدونه مجنوناً. فقالوا: نقول: إنه ساحر.

قال: وما الساحر؟ قالوا: بشر يحبِّبون بين المتباغضين، ويبغِّضون بين المتحابين، قال: فهو ساحر، فخرجوا لا يلقى أحد منهم النبي إِلا قال: يا ساحر، فاشتد ذلك عليه، فأنزل الله عزّ وجلّ: يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ إلى قوله عزّ وجلّ: وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً وذكر بعض المفسّرين أن قوله عزّ وجلّ: ذَرْنِي وَمَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً منسوخ بآية السيف. ولا يصحّ.

قوله عزّ وجلّ: وَجَعَلْتُ لَهُ مالاً مَمْدُوداً في معنى الممدود ثلاثة أقوال: أحدها: كثيراً، قاله أبو عبيدة. والثاني: دائماً، قاله ابن قتيبة. والثالث: غير منقطع، قاله الزجاج.

وللمفسرين في مقداره أربعة أقوال: أحدها: غَلَّة شهر بشهر، قاله عمر بن الخطاب. والثاني:

ألف دينار، قاله ابن عباس، ومجاهد، وابن جبير. قال الفرّاء: ونرى أنّ الممدود: جعل غاية للعدد، لأنّ الألف غاية للعدد يرجع في أول العدد من الألف. والثالث: أربعة آلاف، قاله قتادة. والرابع: أنه بستان كان له بالطائف لا ينقطع خيره شتاء ولا صيفا، قاله مقاتل.

قوله تعالى: وَبَنِينَ شُهُوداً أي: حضورا معه لا يحتاجون إلى التّصرّف والنّفر فيغيبوا عنه.

وفي عددهم أربعة أقوال: أحدها: عشرة، قاله مجاهد. والثاني: ثلاثة عشر، قاله ابن جبير.

والثالث: اثنا عشر، قاله السدي. والرابع: سبعة، قاله مقاتل. قوله: وَمَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً أي: بسطت له العيش، وطول العمر، ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ فيه قولان: أحدهما: أيطمع أن أدخله الجنة. قاله الحسن.

والثاني: أن أزيده من المال والولد، قاله مقاتل.

إلى قوله: كَلَّا أي: لا أفعل فمنعه الله المالَ والوَلدَ حتى مات فقيراً، إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً أي: معانداً.

وفي المراد بالآيات هنا ثلاثة أقوال: أحدها: أنه القرآن قاله ابن جبير. والثاني: الحق، قاله مجاهد. والثالث: رسول الله صلّى الله عليه وسلم، قاله السّدّيّ.

قوله عزّ وجلّ: سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً قال الزجاج: سأحمله على مشقة من العذاب وقال غيره:


ذكره الواحدي في «أسباب النزول» ٨٤٢ معلقا عن مجاهد. وأخرجه البيهقي في «الدلائل» ٢/ ١٩٩- ٢٠٠ من طريق محمد بن أبي محمد عن سعيد بن جبير، وإسناده ضعيف لجهالة محمد بن أبي محمد، وأصل الخبر له شواهد كثيرة. ورد من مرسل ابن زيد، أخرجه الطبري ٣٥٤٢٤. وورد من مرسل قتادة مختصرا، أخرجه الطبري ٣٥٤٢١. وورد من مرسل الضحاك، أخرجه الطبري ٣٥٤٢٣.
رووه بألفاظ متقاربة مختصرا ومطوّلا، فالخبر صحيح في الأصل وانظر ما قبله.

<<  <  ج: ص:  >  >>