ابن عباس، وعكرمة، وقتادة. قال المفسرون: معناه: أَعْطِ لِربّك وأرد به الله، فأدَّبه بأشرفِ الآداب.
ومعنى «لا تمنن» : لا تعط شيئاً من مالك لتُعطَى أكثر منه. وهذا الأدب للنبيّ صلّى الله عليه وسلم خاصة، وليس على أحد من أمته إثم أن يهديَ هدية يرجو بها ثواباً أكثر منها. والثاني: لا تمنن بعملك تستكثره على ربك، قاله الحسن. والثالث: لا تضعف عن الخير أن تستكثر منه، قاله مجاهد. والرابع: لا تمنن على الناس بالنُّبُوَّة لتأخذ عليها منهم أجرا، قاله ابن زيد.
قوله عزّ وجلّ: وَلِرَبِّكَ فيه أربعة أقوال: أحدها: لأجل ربك. والثاني: لثواب ربك. والثالث:
لأمر ربك. والرابع: لوعْدِ ربِّك فَاصْبِرْ فيه قولان: أحدهما: على طاعته وفرائضه. والثاني: على الأذى والتكذيب.
قوله عزّ وجلّ: فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ أي: نفخ في الصور. وهل هذه النفخة هي الأولى أو الثانية؟
فيه قولان: فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ أي: تعسّر الأمر فيه عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ غير هيّن، قوله: ذَرْنِي قد شرحناه في المزمل «١» وَمَنْ خَلَقْتُ أي: ومن خلقته وَحِيداً فيه قولان «٢» : أحدهما: خلقته وحيداً في بطن أمه لا مال له ولا ولد، قاله مجاهد. والثاني: خلقته وحدي لم يَشْركني في خَلْقِهِ أحَدٌ، قاله الزجاج.
(١٤٩٨) قال ابن عباس: جاء الوليد بن المغيرة إلى النبيّ صلّى الله عليه وسلم فقرأ عليه القرآن، فكأنه رَقَّ له، فبلغ ذلك أبا جهل، فأتاه، فقال: يا عم إن قومك يريدون أن يجمعوا لك مالاً، فإنك أتيت محمّدا تتعرّض لمقالته، فقال: قد علمت قريش أني من أكثرها مالا. قال: فقل منه قولاً يبلغ قومك أنَّك منكر له، قال: وماذا أقول؟ فو الله ما فيكم رجل أعلم بالأشعار مني، والله ما يشبهها الذي يقول، والله إن لقوله حلاوة، وإن عليه طلاوة، وإنه لمثمر أعلاه مغدِقٌ أسفلُه، وإنه ليعلو ولا يُعلى. قال: لا يرضى عنك قومك حتى تقول فيه، قال: فدعني حتى أفكر فيه. فقال: هذا سحر يؤثر: يأثره عن غيره،
أخرجه الحاكم ٢/ ٥٠٦ والبيهقي في «الدلائل» ٢/ ١٩٩- ٢٠٠ والواحدي في «أسباب النزول» ٨٤٢ عن ابن عباس، وصححه الحاكم على شرط البخاري ووافقه الذهبي، ورجاله رجال الصحيح. وورد عن عكرمة مرسلا، أخرجه عبد الرزاق في «التفسير» ٣٣٨٤. وفي إسناده راو مجهول. وورد موصولا عن ابن عباس من وجه آخر أخرجه الطبري ٣٥٤٢٠ وفيه عطية العوفي واه لكن تعدّد طرقه يفيده قوة، والله أعلم. وانظر ما بعده. وانظر «تفسير الشوكاني» ٢٦٠٦ بتخريجنا.