للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جلودهم عرق مثل رشح المسك.

قوله عزّ وجلّ: إِنَّ هذا يعني: ما وصف من نعيم أهل الجنة كانَ لَكُمْ جَزاءً بأعمالكم وَكانَ سَعْيُكُمْ أي: عملكم في الدنيا بطاعة الله مَشْكُوراً قال عطاء: يريد: شكرتكم عليه، وأثيبكم عليه أفضل الثواب إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلًا، أي: فصّلناه في الإنزال، فلم نُنْزِلْه جُمْلَةً واحدةً فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ قد سبق بيانه في مواضع «١» . والمفسّرون يقولون: هو منسوخ بآية السيف، ولا يصحّ، قوله:

وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ أي: من مشركي أهل مكة آثِماً أَوْ كَفُوراً «أو» بمعنى الواو، كقوله: أَوِ الْحَوايا «٢» . وقد سبق بيان هذا.

وللمفسّرين في المراد بالآثم وفي الكفور ثلاثة أقوال: أحدها: أنهما صفتان لأبي جهل. والثاني:

أن الآثم: عتبة بن ربيعة، والكفور الوليد بن المغيرة. والثالث: الآثم: الوليد. والكَفُور: عتبة، وذلك أنهما قالا له: ارجع عن هذا الأمر ونحن نرضيك بالمال والتزويج. قوله وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ أي: اذكره بالتوحيد في الصلاة بُكْرَةً يعني: الفجر وَأَصِيلًا يعني: العصر. وبعضهم يقول: الظهر والعصر وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ يعني: المغرب والعشاء. وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا وهي: صلاة الليل كلّ فريضة عليه، وهي لأُمَّتِهِ تَطَوُّع إِنَّ هؤُلاءِ يعني: كفّار مكّة يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ أي يعني: الدّار العاجلة، وهي الدنيا وَيَذَرُونَ وَراءَهُمْ يعني: أمامهم يَوْماً ثَقِيلًا أي: عسيراً شديداً. والمعنى: أنهم يتركون الإيمان به، والعمل له. ثم ذكر قدرته، فقال عزّ وجلّ: نَحْنُ خَلَقْناهُمْ وَشَدَدْنا أَسْرَهُمْ أي: خَلْقهم، قاله ابن عباس، ومجاهد، وقتادة، والفراء، وابن قتيبة، والزجاج. قال ابن قتيبة: يقال: امرأة حَسَنَةُ الأسر، أي: حَسَنَةُ الخَلْقِ كأنها أُسِرتْ أي: شُدَّتْ. وأصل هذا من الإسار، وهو: القِدُّ. الذي تشد به الأقتاب يقال: ما أحسن ما أَسَر قَتَبَهُ، أي: ما أحسن ما شَدَّه بالقِدِّ. وروي عن أبي هريرة قال: مفاصلهم. وعن الحسن قال: أوصالهم بعضا إلى بعض بالعروق والعصب، قوله: وَإِذا شِئْنا بَدَّلْنا أَمْثالَهُمْ أي: إذا شئنا أهلكناهم وأتينا بأشباههم، فجعلناهم بدلاً منهم إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ وقد شرحنا الآية في المزّمّل «٣» .

قوله عزّ وجلّ: وَما تَشاؤُنَ إيجاد السبيل إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ ذلكم، وقرأ ابن كثير، وأبو عمرو، «وما يشاءون» بالياء.

قوله عزّ وجلّ: يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ قال المفسرون: والرّحمة هاهنا: الجنّة وَالظَّالِمِينَ المشركين. قال أبو عبيدة: نصب «الظالمين» بالجوار، المعنى: ولا يُدخل الظالمين في رحمته. وقال الزجاج: إنما نصب «الظالمين» لأنَّ قبله منصوباً. المعنى: يُدخل من يشاء في رحمته، ويعذب الظالمين، فيكون قوله عزّ وجلّ: أَعَدَّ لَهُمْ تفسيراً لهذا المضمر، وقرأ أبو العالية، وأبو الجوزاء، وابن أبي عبلة «والظالمون» رفعا.


(١) الطور: ٤٨، والقلم: ٤٨.
(٢) الأنعام: ١٤٦.
(٣) المزمل: ١٩. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>