للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جرَّد السيف، فأبَوْا، فخدَّ لهم أخدودا، وأوقد فيه النار، وقذف من أبى قبول ذلك، قاله عليّ بن أبي طالب كرّم الله وجهه.

(١٥٢٥) والثالث: أنهم أناس اقتتل مؤمنوهم وكافروهم، فظهر المؤمنون، ثم تعاهدوا أن لا يَغدِر بعضهم ببعض، فغدر الكفار، فأخذوهم، فقال لهم رجل من المؤمنين: أوقدوا ناراً، واعرضوا عليها، فمن تابعكم على دينكم، فذاك الذي تحبون، ومن لم يتابعكم أُقحم النار فاسترحتم منه. ففعلوا، فجعل المسلمون يقتحمونها، ذكره قتادة.

(١٥٢٦) والرابع: أن قوماً من المؤمنين اعتزلوا الناس في الفترة، فأرسل إليهم جبَّار من عبدة الأوثان، فعرض عليهم الدخول في دينه فأبوا، فخدّ لهم أخدودا، وألقاهم فيه، قاله الربيع بن أنس.

(١٥٢٧) والخامس: أن جماعة آمنوا من قوم يوسف بن ذي نواس بعد ما رفع عيسى، فخدّ لهم خدّا، وأوقد فيه النار، فأحرقهم كلهم، فأنزل الله تعالى: قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ وهم: يوسف بن ذي نواس وأصحابه، قاله مقاتل.

والسادس: أنهم قوم كانوا يعبدون صنماً، ومعهم قوم يكتمون إيمانهم، فعلموا بهم، فخدُّوا لهم أُخدوداً، وقذفوهم فيه، حكاه الزجاج.

واختلفوا في الذين أُحرقوا على خمسة أقوال: أحدها: أنهم كانوا من الحبشة، قاله عليّ عليه السلام. والثاني: من بني إسرائيل، قاله ابن عباس. والثالث: من أهل اليمن، قاله الحسن. قال الضحاك: كانوا من نصارى اليمن، وذلك قبل مبعث رسول الله صلّى الله عليه وسلم بأربعين سنة. والرابع: من أهل نجران، قاله مجاهد. والخامس: من النبط، قاله عكرمة.

وفي عددهم ثلاثة أقوال: أحدها: اثنا عشر ألفاً، قاله وهب. والثاني: سبعون ألفاً، قاله ابن السّائب. والثالث: ثمانون رجلا، وتسع نسوة، قاله مقاتل.

قوله عزّ وجلّ: النَّارِ ذاتِ الْوَقُودِ هذا بدل من «الأخدود» كأنه قال: قتل أصحاب النار، و «الوقود» مفسر في البقرة «١» وقرأ أبو رزين العقيلي، وأبو عبد الرحمن السلمي، والحسن، ومجاهد، وأبو العالية، وابن يعمر وابن أبي عبلة «الوُقُود» بضم الواو إِذْ هُمْ عَلَيْها قُعُودٌ أي: عند النار. وكان الملك وأصحابه جلوساً على الكراسي عند الأخدود يعرضون المؤمنين على الكفر، فمن أبى ألْقَوْه وَهُمْ عَلى ما يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ أي: حضور، فأخبر الله عزّ وجلّ في هذه الآيات بقصة قوم بلغ من إيمانهم ويقينهم أن صبروا على التحريق بالنار، ولم يرجعوا عن دينهم.

قوله عزّ وجلّ: وَما نَقَمُوا مِنْهُمْ وقرأ ابن أبي عبلة «نقِموا» بكسر القاف. قال الزّجّاج: أي: ما


أخرجه الطبري ٣٦٨٦٩ عن قتادة قال حدثنا أن عليا رضي الله عنه كان يقول: «هم أناس بمزارع اليمن، اقتتل مؤمنوها وكفارها ... » فذكره. وهذا ضعيف، قتادة عن علي منقطع.
مرسل. أخرجه الطبري ٣٦٨٧٥ عن الربيع بن أنس به.
عزاه المصنف لمقاتل، وهو متهم، والصحيح في ذلك حديث صهيب، وتقدم برقم ١٥٢٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>