للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنكروا عليهم إيمانهم. وقد شرحنا معنى «نقموا» في المائدة «١» وبراءة «٢» وشرحنا معنى الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ في البقرة «٣» .

قوله عزّ وجلّ: وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ أي: لم يَخْفَ عليه ما صنعوا، فهو شهيد عليهم بما فعلوا.

قوله عزّ وجلّ: إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ أي: أحرقوهم، وعذّبوهم. كقوله عزّ وجلّ:

يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ «٤» ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا من شركهم وفعلهم ذلك فَلَهُمْ عَذابُ جَهَنَّمَ بكفرهم وَلَهُمْ عَذابُ الْحَرِيقِ بما أحرقوا المؤمنين، وكلا العذابَيْن في جهنم عند الأكثرين وقد ذهب الربيع بن أنس في جماعة إلى أن النار ارتفعت إلى الملك وأصحابه فأحرقتهم، فذلك عذاب الحريق في الدنيا. قال الربيع: وقبض الله أرواح المؤمنين قبل أن تمسَّهم النار. وحكى الفراء أن المؤمنين نَجوْا من النار، وأنها ارتفعت فأحرقت الكفرة.

قوله عزّ وجلّ: ذلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ لأنهم فازوا بالجنة. وقال بعض المفسرين: فازوا من عذاب الكفار، وعذاب الآخرة.

قوله عزّ وجلّ: إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ قال ابن عباس: إن أخذه بالعذاب إذا أخذ الظّلمة والجبابرة لشديد.

قوله عزّ وجلّ: إِنَّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ فيه قولان: أحدهما: يبدئ الخلق ويعيدهم، قاله الجمهور.

والثاني: يبدئ العذاب في الدنيا على الكفار ثم يعيده عليهم في الآخرة، رواه العوفي عن ابن عباس.

وقد شرحنا في هود «٥» معنى «الودود» و «المجيد» .

قوله عزّ وجلّ: ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ وقد قرأ حمزة، والكسائي، والمفضل عن عاصم «المجيدِ» بالخفض، وقرأ غيرهم بالرفع، فمن رفع «المجيدُ» جعله من صفات الله عزّ وجلّ، ومن كسر جعله من صفة العرش.

قوله عزّ وجلّ: هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ أي: قد أتاك حديث الْجُنُودِ وهم الذين تجنَّدوا على أولياء الله. ثم بيّن من هم، فقال عزّ وجلّ: فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يعني مشركي مكّة فِي تَكْذِيبٍ لك وللقرآن، أي: لم يعتبروا بمن كان قبلهم وَاللَّهُ مِنْ وَرائِهِمْ مُحِيطٌ أي لا يخفى عليه شيء من أعمالهم بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ أي: كريم، لأنه كلام الله، وليس كما يقولون: شعر، وكهانة، وسحر. وقرأ أبو العالية، وأبو الجوزاء، وأبو عمران، وابن السّميفع «بل قرآن مجيد» بغير تنوين وبخفض «مجيد» فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ وهو اللوح المحفوظ، منه نسخ القرآن وسائر الكتب، فهو محفوظ عند الله محروس به من الشياطين، ومن الزيادة فيه والنقصان منه. وقرأ نافع «محفوظ» رفعاً على نعت القرآن فالمعنى: إنه محفوظ من التحريف والتّبديل.


(١) المائدة: ٥٩.
(٢) التوبة: ٧٤.
(٣) البقرة: ١٢٩ و ٢٦٧.
(٤) الذاريات: ١٣.
(٥) هود: ٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>