للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عزّ وجلّ: إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى يعني: أبا جهل. وكان إذا أصاب مالاً أَشر وبَطِرَ في ثيابه، ومراكبه، وطعامه قوله: أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى قال ابن قتيبة: أي: أن رأى نفسه استغنى. و «الرُّجْعى» المرجع.

قوله عزّ وجلّ: أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى معنى: أرأيت: تعجيب المخاطب، وإنما كررها للتأكيد والتعجيب. والمراد بالناهي هاهنا: أبو جهل.

(١٥٤٥) قال أبو هريرة: قال أبو جهل: هل يعفِّر محمَّدٌ وجهه بين أظهركم؟ قالوا: نعم. قال:

فبالذي يحلف به لئن رأيته يفعل ذلك لأطأنّ على رقبته. فقال له: ها هو ذاك يصلي. فانطلق لِيَطَأَ على رقبته، فما فجأهم إلا وهو ينكص على عقبيه، ويتَّقي بيديه، فأتوه، فقالوا: ما لك يا أبا الحكم؟ فقال:

إن بيني وبينه خندقاً من نار، وهولاً وأَجْنِحَةً. وقال نبي الله صلّى الله عليه وسلم: «والذي نفسي بيده لو دنا مني لاختطفته الملائكة عضواً عضواً» ، فأنزل الله تعالى: أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى إلى آخر السورة.

(١٥٤٦) وقال ابن عباس: كان النبيّ صلّى الله عليه وسلم يصلي، فجاء أبو جهل فقال: ألم أنهك عن هذا؟! فانصرف إليه النبيّ صلّى الله عليه وسلم فَزَبَرَه «١» ، فقال أبو جهل: والله إنك لتعلم ما بها نادٍ أكثر مني، فأنزل الله تعالى:

فَلْيَدْعُ نادِيَهُ (١٧) سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ قال ابن عباس: والله لو دعا ناديه لأخذته زبانية الله.

قال المفسرون: والمراد بالعبد هاهنا: محمد صلّى الله عليه وسلم. وقيل: كانت الصلاة صلاة الظّهر.

قوله عزّ وجلّ: أَرَأَيْتَ إِنْ كانَ عَلَى الْهُدى يعني المنهي وهو النبيّ صلّى الله عليه وسلم.

قوله عزّ وجلّ: أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى يعني: الناهي، وهو أبو جهل، قال الفراء: والمعنى:

أرأيتَ الذي ينهى عبداً إذا صلى، وهو كاذب مُتَوَلٍّ عن الذّكر، وأيّ شيء أعجب من هذا؟! وقال ابن الأنباري: تقديره: أرأيته مصيبا.

قوله عزّ وجلّ: أَلَمْ يَعْلَمْ يعني أبا جهل بِأَنَّ اللَّهَ يَرى ذلك فيجازيه كَلَّا أي: لا يعلم ذلك لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ عن تكذيب محمد وشتمه وإيذائه لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ السفع: الأخذ، والناصية: مقدّم شعر الرأس. قال أبو عبيدة: يقال: سفعتُ بيده، أي: أخذتُ بها. وقال الزجاج: يقال: سفعتُ بالشيء: إذا قبضتَ عليه وجذبته جذباً شديداً. والمعنى: لنجرّنّ ناصيته إلى النّار.


صحيح. أخرجه مسلم ٢٧٩٧ والبغوي في «التفسير» ٢٣٧٢ من طريق عبيد الله بن معاذ ومحمد بن الأعلى القيسي من حديث أبي هريرة.
وأخرجه النسائي في «الكبرى» ١١٦٨٣ وأحمد ٢/ ٣٧٠ وابن حبان ٦٥٧١ والبيهقي ٢/ ١٩ وأبو نعيم في «الدلائل» ١٥٨ والواحدي في «الوسيط» ٤/ ٥٢٩ من طرق عن معتمر بن سليمان به. وأخرجه الطبري ٣٧٦٨٧ من طريق ابن ثور عن أبيه عن نعيم بن أبي هند به.
صحيح. أخرجه البخاري ٤٩٥٨ وعبد الرزاق في «التفسير» ٣٦٦٠ والطبري ٣٧٦٨٩ من حديث ابن عباس.

<<  <  ج: ص:  >  >>