قوله عزّ وجلّ: ناصِيَةٍ قال أبو عبيدة: هي بدل، فلذلك جَرَّها. قال الزجاج: والمعنى: بناصية صاحبُها كاذبٌ خاطئ، كما يقال: نهارُه صائم، وليله قائم، أي: هو صائم في نهاره، قائم في ليله فَلْيَدْعُ نادِيَهُ أي: أهل ناديه، وهم أهل مجلسه فليستنصرهم سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ قال عطاء: هم الملائكة الغِلاظ الشِّداد، وقال مقاتل: هم خَزَنَةُ جهنم. وقال قتادة: الزَّبانية في كلام العرب: الشُّرَط. قال الفراء: كان الكسائي يقول: لم أسمع للزَّبانية بواحد، ثم قال بأَخَرة: واحد الزبانية: زِبْنِيٌّ، فلا أدري أقياساً منه أو سماعاً. وقال أبو عبيدة: واحد الزبانية: زِبْنِيَة، وهو كل متمرِّد من إنس، أو جان. يقال:
فلان زِبْنِيَة عِفْرِيَة. قال ابن قتيبة: وهو مَأْخوذٌ من الزَّبْن، وهو الدَّفْع، كأنهم يدفعون أهل النّار إليها.
وقال ابن دريد: الزَّبْن: الدفع. يقال: ناقة زبون: إذا زَبَنَتْ حالبها. ودفعته برجلها. وتَزَابَنَ القوم:
تدارؤوا. واشتقاق الزبانية من الزَّبْن. والله أعلم.
قوله عزّ وجلّ: كَلَّا أي: ليس الأمر على ما عليه أبو جهل لا تُطِعْهُ في ترك الصلاة وَاسْجُدْ أي: صَلِّ لله وَاقْتَرِبْ إليه بالطاعة، وهذا قول الجمهور أنّ قوله عزّ وجلّ: وَاقْتَرِبْ خطاب للنبيّ صلّى الله عليه وسلم. وقد قيل: إنه خطاب لأبي جهل: ثم فيه قولان: أحدهما: أن المعنى: اسجد أنت يا محمد، واقترب أنت يا أبا جهل إلى النَّار، قاله زيد بن أسلم. والثاني: واقترب يا أبا جهل تَهَدَّدَاً له، رواه أبو سليمان الدمشقي عن بعض القُدَماء وهذا يشرحه حديث أبي هريرة الذي قدَّمناه.
(١٥٤٧) وروى أبو هريرة عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم أنه قال: «أقرب ما يكون العبد من ربّه وهو ساجد فأكثروا الدّعاء» .
صحيح. أخرجه مسلم ٤٨٢ والنسائي ٢/ ٢٢٦ وأحمد ٢/ ٤٢١ وأبو يعلى ٦٦٥٨ وابن حبان ١٩٢٨ وأبو عوانة ٢/ ١٨٠ والبيهقي ٢/ ١١٠ من طرق عن ابن وهب به. من حديث أبي هريرة. وأخرجه أبو داود ٨٧٥ عن أحمد بن صالح وأحمد بن عمرو، ومحمد بن سلمة به. وأخرجه البغوي في «شرح السنة» ٦٥٩ وفي «التفسير» ٢٣٧٣ من طريق أبي داود سليمان بن الأشعث به.