للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله تعالى: وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الْمُؤْمِناتِ فيهن قولان: أحدهما: العفائف، قاله ابن عباس. والثاني:

الحرائِر، قاله مجاهد. وفي قوله تعالى: وَالْمُحْصَناتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ قولان: أحدهما: الحرائِر أيضاً، قاله ابن عباس. والثاني: العفائِف، قاله الحسن، والشعبي، والنخعي، والضحاك والسدي، فعلى هذا القول يجوز تزويج الحرّة منهن والأمة.

فصل: وهذه الآية أباحت نكاح الكتابية. وقد روي عن عثمان أنه تزوج نائِلة بنت الفرافصة على نسائه وهي نصرانية. وعن طلحة بن عبيد الله: أنه تزوج يهودية. وقد روي عن عمر، وابن عمر كراهة ذلك. واختلفوا في نكاح الكتابية الحربية، فقال ابن عباس: لا تحل، والجمهور على خلافه، وإِنما كرهوا ذلك، لقوله تعالى: لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ «١» ، والنكاح يوجب الود. واختلفوا في نكاح نساء تغلب، فروي عن عليّ رضي الله عنه الحظر، وبه قال جابر بن زيد، والنخعي، وروي عن ابن عباس الإباحة. وعن أحمد روايتان. واختلفوا في إماء أهل الكتاب، فروي عن ابن عباس، والحسن، ومجاهد: أنه لا يجوز نكاحهن، وبه قال الأوزاعي، ومالك، واللّيث بن سعد، والشافعي، وأصحابنا، وروي عن الشعبي، وأبي ميسرة جواز ذلك، وبه قال أبو حنيفة. فأما المجوس، فالجمهور على أنهم ليسوا بأهل كتاب، وقد شذّ من قال: إِنهم أهل كتاب.

(٤٠١) ويبطل قولهم قولُه عليه السلام: «سُنُّوا بهم سُنَّة أهل الكتاب» .

فأما «الأجور» ، و «الإحصان» ، و «السّفاح» ، و «الأخذان» فقد سبق في سورة النساء.

قوله تعالى: وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ.

(٤٠٢) سبب نزول هذا الكلام: أن الله تعالى لما رخَّص في نكاح الكتابيات قلن بينهن: لولا أن الله تعالى قد رضي علينا، لم يبح للمؤمنين تزويجنا، وقال المسلمون: كيف يتزوّج الرجل منا الكتابية، وليست على ديننا، فنزلت: وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ، رواه أبو صالح عن ابن عباس.

وقال مقاتل بن حيّان: نزلت فيما أحصن المسلمون من نساء أهل الكتاب، يقول: ليس إِحصان المسلمين إِياهن بالذي يخرجهن من الكفر. وروى ليث عن مجاهد: وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ قال:

الإِيمان بالله تعالى، وقال الزجاج: معنى الآية: من أحل ما حرّم الله، أو حرّم ما أحلّه الله فهو كافر.

وقال أبو سليمان: من جحد ما أنزله الله من شرائِع الإِيمان، وعرفه من الحلال والحرام، فقد حبط


صحيح. أخرجه مالك في «الموطأ» عن محمد الباقر وهو مرسل لأنه لم يدرك عمر ولا عبد الرحمن بن عوف. ورواه ابن سعد وفيه شيخه الواقدي من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص والواقدي ضعيف.
لكن أخرجه البخاري ٣١٥٧ وأبو داود ٣٠٤٣ والترمذي ١٥٨٧ والدارمي ٢٤٠٦ وابن الجارود ١١٠٥ والبيهقي ٩/ ١٨٩ وأحمد ١/ ١٩٠، ٩٤ كلهم عن بجالة بن عبدة قال: «لم يكن عمر يأخذ الجزية من المجوس حتى حدثه ابن عوف أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أخذ الجزية من مجوس هجر» فهذا إسناد صحيح متصل.
عزاه المصنف لأبي صالح عن ابن عباس، وأبو صالح غير ثقة في روايته عن ابن عباس، ولم يسمع منه كما قال ابن حبان، وراوية أبي صالح هو الكلبي، وهو ممن يضع الحديث، فهذا خبر لا شيء.

<<  <  ج: ص:  >  >>