للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢ - أنه لا يُدرى في أي كتاب من كتبه، ولم يعزه أحد إلى مصدر معين.

٣ - على فرض أنه قاله فهي زلة منه خالف فيها أدلة الشرع ومذهب جمهور الأمة، ولا يحل لمؤمن بالله واليوم الآخر أن يعرج على زلة عالم، فقد نهينا عن ذلك.

قال الماوردي: (وشذ ابن جرير الطبري فجوز قضاءها في جميع الأحكام، ولا اعتبار بقول يرده الإجماع مع قوله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النساء: ٣٤]؛ يعني: في العقل والرأي) (١).

وقياس القضاء على الإفتاء قياس مع الفارق لأمرين:

الأول: أن الإفتاء لا إلزام فيه بخلاف القضاء، كما تقدم أول "القضاء".

الثاني: أن القضاء ولاية، فهو من باب الولايات، بخلاف الإفتاء فإنه ليس كذلك (٢).

وأما قول أبي حنيفة فقد ذكر الشيخ بكر أبو زيد رحمه اللهُ أن أصل التولية عند أبي حنيفة على المنع؛ لكن المراد بذلك أن الإمام إذا ولاها أَثِمَ ونفذ قضاؤها (٣).

والقول بالجواز قول ضعيف؛ لأن قياس القضاء على الشهادة قياس مع الفارق؛ لأن أهلية القضاء وشروطه ليست كأهلية الشهادة وشروطها، وإلا يلزم من ذلك صحة تولية العامي الجاهلِ القضاءَ ما دامت شهادته مقبولة. وحَمْل الحديث على الولاية العامة -كما يقول ابن حزم- فيه نظر؛ لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وأما ما روي عن عمر - رضي الله عنه - فهو أثر ضعيف مسلسل بالعلل، كما تقدم، ولذا قال عنه ابن العربي: (لم يصح فلا تلتفتوا إليه، فإنما هو من دسائس المبتدعة في الأحاديث) (٤). والله تعالى أعلم.


(١) "الأحكام السلطانية" ص (٨٣).
(٢) "أحكام ولاية القضاء" ص (٣٩).
(٣) انظر: "التعالم وأثره على الفكر والكتاب" ص (١٠٢).
(٤) "أحكام القرآن" (٣/ ١٤٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>