صحيح وقال ابن القطان في البيان ٥/ ٢٢٠ لما خرج الحديث من الزهريات:"هذا الإسناد صحيح ولا يضره رواية من رواه عن محمد بن حرب عن الزبيدى أنه بلغه عن أنس فقد يراجع كتابه فيرف منه أن الحديث حدثه به هو الزهرى فيحدث به فيأخذ عنه الصفار وغيره وهذا الذى أشرت إليه هو الذى اعتل به محمد بن يحيى الذهلى حين ذكره". اهـ.
قلت إنما يستقيم كلام ابن القطان إذا كان التردد في ذكر الزهرى من عدمه كائنًا من محمد بن حرب فمرة يذكر الزهرى وذلك كائن في رواية الصفار وابن أبى كريمة ومرة يجعله كما حكاه ابن القطان أيضًا عن الذهلى وذلك واقع في رواية يزيد بن عبد ربه وهذا يحتاج إلى نقل صريح أنه وقع لابن حرب فلا يسلط الوهم على الثقة بالتوهم فإنه متى ما كان ثم ثقة وقع عليه اختلاف في الإسناد ولم ينص إمام أن ذلك الاختلاف كائن من الثقة فإن مرجع هذا الاختلاف إلى الرواة عنه فينظر إلى الأقوى أو الأحفظ منهم إن عدمت القرائن أولًا فيقدم الأحفظ أو الأقوى وها هنا لم ينسب الذهلى الوهم إلى من نسبه إليه ابن القطان بل إلى من روى عن ابن حرب فذكر في الزهريات ما نصه كما في كتاب ابن القطان بعد سياقه للحديث من طريق الصفار ويزيد بن عبد ربه "المحفوظ عندنا حديث يزيد بن عبد ربه وحديث الصفار واه". اهـ. علفا بأن الصفار قد توبع كما وقع ذلك عند الحاكم من طريق ابن أبى كريمة ولم ينسبه فيما أعلم على هذه المتابعة أحد وابن أبى كريمة قال النسائي فيه:"لا بأس به إلا أن هذه المتابعة مع كون الصفار لا يبلغ رتبة الثقة لا توازى راويًا قيل فيه ثقة كما هو مبسوط في أصول الحديث لذا الإمام الذهلى علله بما تقدم".
وقد تبع الذهليَّ من المتأخرين ابن القيم والحافظ في التلخيص قال ابن القيم في شرح سنن أبى داود ١/ ١٠٩ رادًّا على ابن القطان بعد ذكره لكلامه وتصحيحه إياه:"وهذه التجويزات لا يلتفت إليها أئمة الحديث وأطباء علله ويعلمون أن الحديث معلول بإرسال الزبيدى له ولهم ذوق لا يحول بينه وبينهم فيه التجويزات والاحتمالات". اهـ. ويؤخذ على ابن القيم في قوله هذا نسبة الاختلاف إلى الزبيدى وهذا بخلاف ما نقله هو في نفس المصدر عن الذهلى كما علمت مما تقدم أن الخلاف كائن من الرواة عمن روى عن الزبيدى لا منه. وما ذكره الحافظ في التلخيص ١/ ٨٦ في كلامه على رواية الصفار وقوله:(رجاله ثقات إلا أنه معلول). اهـ. غير سديد إذ لم يوثق الصفار إمام، حسب ما هو موجود في ترجمته إذ الأصل عدم ذلك حتى يعلم ذلك.