الأصبهانى كما تقدم خالفه فليح بن سليمان إذ قال:"عن سهيل عن أبى إسحاق عن المسيب بن رافع عن عنبسة عن أم حبيبة" فعاد الحديث إلى أنه من مسند أم حبيبة لا أبى هريرة وقد حكم البخاري والنسائي وأبو حاتم وابن عدى والدارقطني على رواية الأصبهانى بالخطأ قال البخاري بعد أن رواه من طريقه: "وهذا وهم". اهـ.
وقال النسائي:"قال: أبو عبد الرحمن هذا خطأ ومحمد بن سليمان ضعيف هو ابن الأصبهانى وقد روى هذا الحديث من أوجه سوى هذا الوجه بغير هذا اللفظ الذى تقدم ذكره" اهـ.
وقال أبو حاتم: على رواية الأصبهانى: "هذا خطأ رواه سهيل عن أبى إسحاق عن المسيب بن رافع عن عمرو بن أوس عن عنبسة عن أم حبيبة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال أبى كنت معجبًا بهذا الحديث وكنت أرى أنه غريب حتى رأيت سهيلًا عن أبي إسحاق عن المسيب عن عمرو بن أوس عن عنبسة عن أم حبيبة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فعلمت أن ذاك لزم الطريق" اهـ.
وقال ابن عدى:"وهذا أخطأ فيه ابن الأصبهانى حيث قال: عن سهيل عن أبيه عن أبى هريرة وكان هذا الطريق أسهل عليه إنما روى هذا سهيل عن أبى إسحاق عن عنبسة بن أبى سفيان عن أم حبيبة". اهـ.
فبان من كلام ابن عدى أن الأصبهانى سلك الجادة والأئمة يقضون في الأصل على من سلك الجادة بالغلط عند المخالفة فإن قيل: إن المخالف للأصبهانى الموسوم بالضعف أيضًا هو فليح وقد غمزه النسائي بالضعف أيضًا كما قال: في السنن عند روايته لهذا الحديث حيث عقب ذلك بقوله: "وفليح ليس بالقوى". اهـ.
قلنا: الجواب من وجهين أن فليحًا مختلف فيه وهو أحسن حالًا من الأصبهانى فإن الأصبهانى متفق على ضعفه وإن ذكره ابن حبان في ثقاته فقد قال: "يخطئ ويخالف" ولا أعلم من انفرد بتوثيقه وأمره معلوم. أما فليح فقد اعتمده البخاري فأقل حالاته أن يكون حسن الحديث.
الوجه الثانى: أن فليحًا لم ينفرد بالسياق السابق فقد تابعه زهر بن معاوية عن أبى إسحاق بالسند المتقدم وهذه متابعة قاصرة لفليح فصح الحديث من طريقه ومن مسند أم حبيبة والله الموفق. مع أن الأصبهانى أيضًا تابعه أيوب بن سيار إلا أنه ضعيف لذا