هذه الآيات البينات خطاب للناس أجمعين، ينطلق عبر ألف وأربعمائة سنة، بنبرة واثقة عالية: أن أتوا بمثل هذا القرآن، بعشر سور مثله، بسورة من مثله.
ويتصاعد التحدي: أن ادعوا من استطعتم، ادعوا شهداءكم ليؤازروكم على الإتيان بمثل هذا القرآن، بعشر سور، بسورة واحدة، ولم لا تستطيعون وقد أنزله الله بلسان عربي مبين، وجعله قرآنا عربيّا غير ذي عوج؟
ويتنامى التحدي ويتكرر، ويعرض الحروف التي تتألف منها آيات القرآن وسوره. فهي ليست لغزا، ولا أحجية، ولا سرّا. إنها، بالتحديد، الأبجدية العربية من ألفها الى الياء. إنها اللغة التي تتخاطبون بها في ندواتكم ومجالسكم، وتنشدون بها في عكاظكم ومربدكم، وتتغنّون بها في رجزكم وحدائكم، في شعركم ونثركم. وتتغنى بها الركبان بعدكم، حتى لتكوننّ من المحفوظات ثم من المأثورات، ثم من المعلّقات.
أليست من حروف الأبجدية: الألف والحاء والراء والسين والصاد والطاء والعين والكاف والميم والهاء والياء؟ ثم أليست هذه الأبجدية هي التي تكوّن بألفاظها القرآن: سورا وآيات. ثم أليست هذه الحروف هي التي افتتح الله سبحانه بها كثيرا من السّور، وأعلن أن هذا القرآن إنما كتب بهذه الحروف؟