جاء «الطاغوت» في ثماني آيات، من سور مختلفة، والمعنى واحد.
من غير شك أن «الطاغوت» من «الطغيان» وهو الشرّ، والكفر، وتجاوز الحدّ في البغي.
غير أن «الطاغوت» ، وإن تضمن هذه الدلالات فهو بناء خاص، وهو يقع على الواحد والجمع والمذكر والمؤنث، وإن قيل: طواغيت.
وهو نظير رغبوت، ورحموت، وجبروت، ولاهوت، وناسوت، وملكوت ونحو هذا.
وهو مصدر من المصادر القديمة، التي استقرينا منها جملة من طريق السّماع.
ولا أريد أن أقول إنها مقلوبة على فعلوت، والأصل «طغيوت» كما ذهب أهل اللغة فليس ذلك بمهمّ.
وقالوا: الطاغوت الشيطان.
وعندي أن هذا البناء الغريب القديم، يصح أن يتّخذ في وضع المصطلح الجديد، وذلك أن أهل المصطلحات من الغربيين، يلتمسون الأبنية الغريبة إذا ما جدّت لهم حاجة لمصطلح جديد، ليكون الوزن الغريب مميزا له خاصا به. ٨- وقال تعالى: أَوَلَمْ يَرَوْا إِلى ما خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ سُجَّداً لِلَّهِ وَهُمْ داخِرُونَ (٤٨) .
وقرئ: أو لم يروا، ويتفيّئوا بالياء والتاء.
والتفيّؤ: الظلّ بالعشي، وتفيّؤ الظلال: رجوعها بعد انتصاف النهار، وابتعاث الأشياء ظلالها.
أقول: عرفنا أن الفيء بالعشيّ، والظلّ بالغداة. وقد امّحى الفرق في العربية المعاصرة.
وداخرون أي: متصاغرون منقادون، على أنّ الدخور من صفات العقلاء.
٩- وقال تعالى: وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ [الآية ٦٦] .
ذكر سيبويه الأنعام في باب ما لا ينصرف من الأسماء المفردة الواردة على أفعال، كقولهم: ثوب أكباش.
وجبّة أسناد، وثوب أفواف.
وقد تعجب أن يدرج سيبوبه «الأنعام» ، مع هذه الأسماء التي جاءت مفردة في استعمالهم، وأنت تقرأ قوله تعالى:
وَالْأَنْعامَ خَلَقَها لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ وَمِنْها تَأْكُلُونَ (٥) .