للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وإذا كان الضمير في قوله تعالى:

مِمَّا فِي بُطُونِهِ، في الآية قد حملهم على جعل «الانعام» مفردة، وإدراجها مع ثوب أكباش، وجبّة أسناد وغيرها، فماذا يقولون في قوله تعالى:

وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِها وَلَكُمْ فِيها مَنافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْها تَأْكُلُونَ (٢١) [المؤمنون] ١٠- وقال تعالى: وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً ثُمَّ لا يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ (٨٤) .

قوله تعالى: يُسْتَعْتَبُونَ أي:

يسترضون، أي: لا يقال لهم أرضوا ربّكم، لأن الاخرة ليست بدار عمل.

١١- وقال تعالى: وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (٨٧) .

الكلام على الذين كفروا، أي: أنهم ألقوا الاستسلام لأمر الله وحكمه، بعد الإباء والاستكبار في الدنيا.

وهذا من معاني «السلم» مقيّدا بهذه الآية، وهو نظير «الإسلام» بمعنى الخضوع والانقياد والاستسلام.

١٢- وقال تعالى: وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ [الآية ٩٢] .

أي: ولا تكونوا في نقض الأيمان، كالمرأة التي أنحت على غزلها، بعد أن أحكمته وأبرمته، فجعلته أنكاثا، أي:

ما ينكث فتله، تتخذون الأيمان دخلا بينكم، أي: مفسدة ودغلا.

أقول: والدّخل والدّغل سواء.

١٣- وقال تعالى: وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ [الآية ١٠١] .

أقول: واستعمال «مكان» في فعل التبديل، ما زال معروفا حتى في العامّيّة الدارجة.

١٤- وقال تعالى: وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذاقَهَا اللَّهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ [الآية ١١٢] .

أقول: وضرب الأمثال في القرآن على هذا النحو، من تصوير حالة يعرض فيها جملة أمور، ليتخذ منها العباد عبرة لهم.

ومن ذلك قوله تعالى:

ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ [إبراهيم: ٢٤] .