قلنا: معناه وما يشعر الأصنام متى يبعث عبّادها، فكيف تكون آلهة مع الجهل؟ أو معناه: وما يشعر عبّادها، وقت بعثهم لا مفصّلا ولا مجملا، لأنهم ينكرون البعث، بخلاف الموحّدين فإنهم يشعرون وقت بعثهم مجملا، أنه يوم القيامة، وإن لم يشعروه مفصّلا..
فإن قيل: قوله تعالى وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ماذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٢٤) كيف يعترفون بأنه من عند الله تعالى، بالسؤال المعاد ضمن الجواب، ثم يقولون هو أساطير الأوّلين.
قلنا: قد سبق مثل هذا السؤال وجوابه في سورة الحجر في قوله تعالى وَقالُوا يا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (٦)[الحجر] .
فإن قيل: لم قيل هنا لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ [الآية ٢٥] وقال في موضع آخر: وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى [الأنعام: ١٦٤] ؟ قلنا: معناه ومن أوزار إضلال الذين يضلّونهم، فيكون عليهم وزر كفرهم مباشرة، ووزر كفر من أضلّوهم تسبّبا، فقوله تعالى: لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يعني أوزار الذنوب التي باشروها. وأما قوله تعالى وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى، فمعناه: وزر لا مدخل لها فيه، ولا تعلّق له بها مباشرة، ولا تسبّبا ونظير هاتين الآيتين قوله تعالى: وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنا وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ [العنكبوت: ١٢] إلى قوله تعالى وَأَثْقالًا مَعَ أَثْقالِهِمْ [العنكبوت: ١٣] .
فإن قيل: قوله تعالى: إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ [الآية ٤٠] ، يدل على أن المعدوم شيء، ويدل على ان خطاب المعدوم جائز والأول منتف عند أكثر العلماء، والثاني منتف بالإجماع؟
قلنا: أما تسميته شيئا، فمجاز باعتبار ما يؤول إليه، ونظيره قوله تعالى إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (١)[الحج] وقوله تعالى: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (٣٠)[الزّمر] . وأما الثاني فإن هذا الخطاب تكوين، يظهر به أثر القدرة،