للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لكن بالنسبة إلينا لا إلى الله تعالى، وكذا في قوله تعالى فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى (٩) يعني بالنسبة الى نظر النبي (ص) . وقال الزجّاج: ليس المراد، أنّ الساعة تأتي في أقرب من لمح البصر، ولكنّ المراد، وصف قدرة الله على سرعة الإتيان بها، متى شاء.

فإن قيل: لم قال تعالى: سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ [الآية ٨١] ، ولم يقل:

و «البرد» مع أن السرابيل، هي الثياب تلبس لدفع الحر والبرد، وهي مخلوقة لهما؟

قلنا: حذف ذكر أحدهما لدلالة ضدّه عليه، كما في قوله تعالى:

بِيَدِكَ الْخَيْرُ [آل عمران: ٢٦] ولم يقل:

والشر، وكما قال الشاعر:

وما أدري إذا يمّمت أرضا أريد الخير أيّهما يليني أي أريد الخير لا الشر، أو أريد الخير وأحذر الشر.

فإن قيل: لم كان ذكر الخير والحرّ أولى من ذكر الشرّ والبرد؟

قلنا: لأن الخير مطلوب العباد من ربّهم، ومرغوبهم إليه أو لأنه اكثر وجودا في العالم من الشرّ وأما الحرّ فلأن الخطاب بالقرآن، أول ما وقع مع أهل الحجاز، والوقاية من الحر، أهمّ عندهم، لأنّ الحرّ في بلادهم أشدّ من البرد.

فإن قيل: لم قال الله تعالى يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها وَأَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ (٨٣) مع أنّهم كلّهم كافرون؟

قلنا: قال الزمخشري: الأحسن، أن المراد بالأكثر هنا الجمع، وفي هذا نظر لأنّ بعض الناس لا يجوّز اطلاق اسم البعض على الكل، لأنه ليس لازما له، بخلاف عكسه.

فإن قيل: ما فائدة قول المشركين عند رؤية الأصنام كما ورد في التنزيل:

رَبَّنا هؤُلاءِ شُرَكاؤُنَا الَّذِينَ كُنَّا نَدْعُوا مِنْ دُونِكَ [الآية ٨٦] والله تعالى عالم بذلك؟

قلنا: لما أنكروا الشرك بقولهم كما ورد في التنزيل: رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ (٢٣) [الأنعام] عاقبهم الله تعالى بإصمات ألسنتهم وأنطق جوارحهم، فكان جوابهم عند معاينة آلهتهم:

رَبَّنا هؤُلاءِ شُرَكاؤُنَا [الآية ٨٦] أي قد أقررنا بعد الإنكار وصدّقنا بعد الكذب، طلبا للرحمة وفرارا من