فإن قيل: لم قال موسى (ع) كما ورد في التنزيل وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً (١٠٢) وموسى (ع) كان عالما بذلك، لا شكّ عنده فيه؟
قلنا: قال أكثر المفسرين الظن هنا بمعنى العلم، كما في قوله تعالى الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ [البقرة:
٤٦] وإنما أتي بلفظ الظنّ ليعارض ظنّ فرعون بظنّه، كأنّه قال: إن ظننتني مسحورا، فأنا أظنّك مثبورا، والمثبور الهالك والمصروف عن الخيرات، أو الملعون والخاسر.
فإن قيل: لم كرّر تعالى الإخبار بالخرور «١» ؟
قلنا: كرّره ليدل على تكرار الفعل منهم. الثاني: أنه كرّره لاختلاف الحالين، وهما خرورهم في حال كونهم ساجدين، وفي حال كونهم باكين. الثالث: أنه أراد بالخرور الأول، الخرور في حالة سماع القرآن وقراءته وبالخرور الثاني، الخرور في سائر الحالات وباقيها.
(١) . الخرور: مصدر خرّ يقال: خرّ ساجدا، ومعنى خرّ في هذا السياق، في الأصل: سقط. فكأنّ الذي يخرّ ساجدا، يسقط، لفرط خشوعه، من عل، حيث هو واقف، إلى الأرض، ليسجد.