أيضا في مدّة لبثهم، وأنّ بعضهم يذهب إلى أنهم لبثوا في كهفهم ثلاثمائة سنين، وبعضهم يزيد على ذلك تسع سنين، وأمره أن يذكر لهم أن الله أعلم بمدة لبثهم: لَهُ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَداً (٢٦) .
وذيّلت نهاية هذه القصة بما يناسبها، فأمر سبحانه رسوله (ص) أن يتلو ما أوحي إليه فيها، لأنه هو الحق الذي لا تبديل فيه، ولن يجد من دونه ملتحدا يلجأ في علم شيء إليه ثم أمره أن يصبر نفسه مع الذين آمنوا به، ونهاه أن تعدو عيناه عنهم إلى أهل الدنيا من رؤساء قومه وأغنيائهم، وأن يطيع هؤلاء الرؤساء والأغنياء في طرد من آمن به ليؤمنوا هم به، فيكون له بهذا أسوة بأصحاب الكهف ثم أمره أن يذكر لهم أنّ الحق منه وهو غنيّ عنهم، فمن شاء فليؤمن، ومن شاء فليكفر، فمن كفر فله عذابه الذي أعدّ له، ومن آمن فلن يضيع عليه عمله: أُولئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ [الآية ٣١] .
ثم أمره أن يضرب لهم أربعة أمثال تبيّن لهم خطأهم في تعاليهم بغناهم على فقراء المؤمنين، لأن الافتخار يجب أن يكون بالعمل الصالح لا بالمال:
الأول: مثل رجلين جعل الله لأحدهما جنّتين من أعناب محفوفتين بنخل، وجعل بينهما زرعا، وقد آتى كلّ منهما ثمره كاملا غير منقوص، فافتخر بذلك على صاحبه، وظنّ أنه باق له لا يفنى، وأنه ليس هناك معاد يخاف حسابه. ولئن كان هناك معاد، ليكوننّ فيه أحسن حالا ممّا هو عليه في الدنيا، فأنكر عليه صاحبه أن يكفر بالله ولا يقابل نعمته بشكره عليها.
وذكر له أنه إذا كان يفخر عليه بذلك، فعسى أن يؤتيه الله خيرا منه، ويرسل على جنّته صواعق من السماء فتبيدها وكان أنّ الله أرسل عليها ذلك، فأبادها وأصبح يقلّب كفيه على ما أنفق فيها، ويتمنّى أن لو كان آمن بربه، ولم يجد من ينصره من دون الله، وما