ويجوز أن يقال تاب الله على آدم، ولا يجوز أن يقال الله تائب ونظائره كثيرة.
فإن قيل: أسماء الله تعالى وصفاته توفيقيّة لا مدخل للقياس فيها ولهذا يقال الله عالم، ولا يقال علّامة، وإن كان هذا اللفظ أبلغ في الدلالة على معنى العلم فأما أسماء البشر وصفاتهم، فقياسية فلم لا يجرى فيها على القياس المطّرد؟
قلنا: هذا القياس ليس بمطّرد في صفات البشر أيضا، ألا ترى أنهم قالوا ذره ودعه بمعنى اتركه، وفلان يذر ويدع، ولم يقولوا منهما وذر ولا واذر، ولا ودع ولا وادع، فاستعملوا منهما الأمر والمضارع فقط. ولقائل أن يقول: هذا شاذّ في كلام العرب ونادر، فلا يترك لأجله القياس المطّرد، بل يجري على مقتضى القياس.
فإن قيل: لم قال تعالى: وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي [الآية ١٢٤] أي عن موعظتي، أو عن القرآن، فلم يؤمن به ولم يتبعه فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً [الآية ١٢٤] أي حياة في ضيق وشدّة، ونحن نرى المعرضين عن الإيمان والقرآن، في أخصب معيشة وأرغدها؟ قلنا: قال ابن عبّاس رضي الله عنهما: المراد بالمعيشة الضّنك الحياة في المعصية، وإن كان في رخاء ونعمة. وروي عن النبي (ص) أنّها عذاب القبر. الثاني: أنّ المراد بها عيشته في جهنّم في الاخرة. الثالث:
أن المراد بها عيشه مع الحرص الشديد على الدنيا وأسبابها وهذه الآية في مقابلة قوله تعالى مَنْ عَمِلَ صالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَياةً طَيِّبَةً [النحل: ٩٧] . فكلّ ما ذكرناه في تفسير الحياة الطيّبة، فضدّه وارد في المعيشة الضّنك.
فإن قيل: أيّ كلمة سبقت من الله سبحانه، فكانت مانعة من تعذيب هذه الأمة في الدنيا عذاب الاستئصال، حتى قال جلّ شأنه: وَلَوْلا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَكانَ لِزاماً [الآية ١٢٩] ؟
لا اختصاص لهذه الأمّة بهذه الكلمة، وقيل هي قوله تعالى للنبي (ص) : وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ [الأنفال: ٣٣] وقيل هي قوله تعالى: وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ (١٠٧)[الأنبياء] يعني لعالمي أمّته بتأخير العذاب عنهم وقيل في الآية تقديم وتأخير تقديره: ولولا