الأصنام مثبتان لها في الآيتين، فكيف التوفيق بينهما؟
قلنا: معناه يعبد من دون الله ما لا يضره بنفسه إن لم يعبده، ولا ينفعه بنفسه إن عبده، ثم قال: يعبد من يضره الله بسبب عبادته، وإنما أضاف الضرر إليه لحصوله بسببه.
فإن قيل: قوله تعالى: أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ [الآية ١٣] يدل على أن في عبادة الصنم نفعا، وإن كان فيها ضرر؟
قلنا: معناه أقرب من النفع المنسوب إليه في زعمهم، وهو اعتقادهم أنه يشفع لهم.
فإن قيل: لم قال تعالى: أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا [الآية ٣٩] أي بسبب كونهم مظلومين، ولم يبين ما الشيء الذي أذن لهم فيه؟
قلنا: تقديره: أذن للذين يقاتلون في القتال، وإنما حذف لدلالة «يقاتلون» عليه ولدلالة الحال أيضا، فإن كفار مكة يؤذون المؤمنين بأنواع الأذى وهم يستأذنون النبي (ص) في قتالهم، فيقول:«لم يؤذن لي في ذلك» . حتى هاجر إلى المدينة فنزلت هذه الآية، وهي أول آية نزلت في الإذن في القتال، فنسخت سبعين آية ناهية عن القتال، كذا قال ابن عباس رضي الله عنهما، فكان المأذون فيه ظاهرا لكونه مترقّبا منتظرا.
فإن قيل: ما وجه الاستثناء في قوله تعالى: الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَنْ يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ [الآية ٤٠] ؟
قلنا: هو استثناء منقطع تقديره: لكن أخرجوا بقولهم: ربنا الله. الثاني أنه بمنزلة قول الشاعر:
ولا عيب فيهم غير أنّ سيوفهم بهنّ فلول من قراع الكتائب تقديره: إن كان فيهم عيب فهو هذا، وليس بعيب فلا يكون فيهم عيب.
فإن قيل: أي منّة على المؤمنين في حفظ الصوامع والبيع والصلوات: أي الكنائس عن الهدم حتى امتن عليهم بذلك في قوله تعالى وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ [الآية ٤٠] ؟
قلنا: المنّة في ذلك أن الصوامع والبيع والكنائس في حرم المسلمين وحراستهم وحفظهم، لأن أهلها ذمة للمسلمين. الثاني أن المراد به لهدّمت صوامع وبيع في زمن عيسى (ع) ،