وصلوات: أي كنائس في زمن موسى (ع) ، ومساجد في زمن النبي (ص) ، فالامتنان على أهل الرسالات الثلاث.
فإن قيل: لم قال تعالى: وَكُذِّبَ مُوسى [الآية ٤٤] ولم يقل و «كذّب قوم موسى» ، كما قال الله تعالى فيما قبله؟
قلنا: لأن موسى (ع) ما كذّبه قومه بنو إسرائيل، وإنما كذبه غير قومه وهم القبط. الثاني: أن يكون التنكير والإبهام للتفخيم والتعظيم كأنه قال تعالى: بعد ما ذكر تكذيب كل قوم رسولهم: وكذّب موسى أيضا مع وضوح آياته وعظم معجزاته، فما ظنك بغيره.
فإن قيل: ما الحكمة في قوله تعالى وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (٤٦) ؟
قلنا: الحكمة فيه المبالغة في التأكيد كما في قوله تعالى: وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ [الأنعام: ٣٨] وقوله تعالى يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ [الفتح: ١١] وما أشبه ذلك: أن القلب هنا يستعمل بمعنى العقل، ومنه قوله تعالى إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ [ق: ٣٧] أي عقل في أحد القولين، فكان التقييد احترازا على قول من زعم أن العقل في الرأس.
فإن قيل: المغفرة إنما تكون لمن يعمل السيئات، لا لمن يعمل الصالحات والحسنات، فلم قال تعالى وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ [الآية ٥٠] ؟
قلنا: المراد بالعمل الصالح هنا الإخلاص في الإيمان فيصير المعنى:
فالذين آمنوا عن إخلاص نغفر لهم سيئاتهم.
فإن قيل: ما الفرق بين الرسول والنبي، مع أن كليهما مرسل بدليل قوله تعالى وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ [الآية ٥٢] .
قلنا: الفرق بينهما أن الرسول من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من جمع له بين المعجزة وأنزل الكتاب عليه.
والنبي فقط: من لم ينزل عليه كتاب، وإنما أمر أن يدعو أمته إلى شريعة من قبله. وقيل الرسول من كانت له معجزة من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، والنبي من لم تكن له منهم معجزة، وفي هذا نظر. وقيل الرسول من كان مبعوثا إلى أمّة، والنبي فقط من لم يكن مبعوثا إلى أحد مع كونه نبيّا، والجواب