قلنا: مراده رب نجّني وأهلي من عقوبة عملهم أو من شؤمه، والدليل على ذلك ضمّه أهله إليه في الدعاء، واستثناء الله تعالى امرأته من قبول الدعوة.
فإن قيل: لم قال تعالى في قصة شعيب (ع) : إِذْ قالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ [الآية ١٧٧] ولم يقل أخوهم، كما قال تعالى في حق غيره هنا، وكما قال في حقه في موضع آخر؟
قلنا: لأنه هنا ذكر مع أصحاب الأيكة وهو لم يكن منهم، وإنما كان من نسل مدين، كذا قال مقاتل. وفي الحديث أن شعيبا (ع) أخا مدين أرسل إليهم وإلى أصحاب الأيكة. وقال ابن جرير الطبري: أهل مدين هم أصحاب الأيكة، فعلى هذا يكون حذف الأخ تخفيفا.
فإن قيل: ما الفرق بين حذف الواو في قصة صالح (ع) وإثباتها في قصة شعيب، في قولهم كما ورد في التنزيل: ما أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا [الآية ١٥٤] ووَ ما أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا [الآية ١٨٦] ؟
قلنا: الفرق بينهما أنه، عند إثبات الواو، يكون المقصود معنيين كلاهما مناف للرسالة عندهم: التّسخير والبشرية. وعند حذف الواو، يكون المقصود معنى واحدا منافيا لها، وهو كونه مسخّرا ثم قرروا التسخير بالبشرية، كذا أجاب الزمخشري رحمه الله.
فإن قيل: لم قال تعالى في وصف الكهنة والمتنبّئة كشقّ وسطيح ومسيلمة: وَأَكْثَرُهُمْ كاذِبُونَ [الآية ٢٢٣] بعد ما قضى عليهم أن كل واحد منهم أفاك أثيم، والأفّاك الكذّاب، والأثيم الفاجر، ويلزم من هذا أن يكونوا كلهم كذّابين؟