فإن قيل: لم قال الله تعالى:
وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ (٩٠) أي قربت، والجنة لا تنقل من مكانها ولا تحوّل؟
قلنا: فيه قلب معناه: وأزلف المتقون إلى الجنة، كما يقول الحجاج إذا دنوا إلى مكة قربت مكة منا. وقيل معناه: أنها كانت محجوبة عنهم، فلما رفعت الحجب بينهم وبينها كان ذلك تقريبا لها.
فإن قيل: لم جمع الشافع، ووحّد الصديق في قوله تعالى فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ (١٠٠) وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ (١٠١) ؟
قلنا: لكثرة الشفعاء في العادة وقلة الصديق ولهذا روي أن أحد الحكماء سئل عن الصديق، فقال: هو اسم لا معنى له، أراد بذلك عزّة وجوده.
ويجوز أن يراد بالصديق الجمع كالعدو.
فإن قيل: لم قرن بين الأنعام والبنين في قوله تعالى أَمَدَّكُمْ بِأَنْعامٍ وَبَنِينَ (١٣٣) ؟
قلنا: لأن الأنعام كانت من أعز أموالهم عندهم، وكان بنوهم هم الذين يعينونهم على حفظها والقيام عليها، فلهذا قرن بينهما. فإن قيل: القول أوعظت أم لم تعظ أوجز من: أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْواعِظِينَ (١٣٦) ، فكيف عدل عنه؟
قلنا: المراد سواء علينا أفعلت هذا الفعل أم لم تكن من أهله أصلا وهذا أبلغ في قلة الاعتداء بوعظه من القول أو لم تعظ.
فإن قيل: قوله تعالى: فَعَقَرُوها فَأَصْبَحُوا نادِمِينَ (١٥٧) فَأَخَذَهُمُ الْعَذابُ لم أخذهم العذاب بعد ما ندموا على جنايتهم، وقد قال (ص) «الندم توبة» ؟
قلنا: قال ابن عباس رضي الله عنهما: ندموا حين رأوا العذاب، وذلك ليس وقت التوبة، كما قال الله تعالى: وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ [النساء: ١٨] .
وقيل كان ندمهم ندم خوف من العذاب العاجل، لا ندم توبة فلذلك لم ينفعهم.
فإن قيل: لم طلب لوط (ع) تنجيته من اللّواط، بقوله كما ورد في التنزيل:
رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ (١٦٩) واللّواط كبيرة من الكبائر، والأنبياء معصومون من الكبائر؟