إنّ الّذي سمك السّماء بنى لنا بيتا دعائمه أعزّ وأطول أي عزيزة طويلة، وقال معن بن أوس المزني:
لعمرك ما أدري وإنّي لأوجل على أيّنا تعدو المنية أوّل أي وإنّي لوجل. وقال آخر:
أصبحت أمنحك الصّدود وإنّني قسما إليك مع الصّدود لأميل أي لمائل، وقال آخر:
تمنّى رجال أن أموت وإن أمت فتلك سبيل لست فيها بأوحد أي بواحد. الثاني: أنّ معناه، وهو أهون عليه في تقديركم وحكمكم، لأنّكم تزعمون وتعتقدون فيما بينكم أنّ الإعادة أهون من الابتداء، كيف يكون ذلك، والابتداء من ماء، والإعادة من تراب، وتركيب الصورة من التراب أهون عندكم؟ الثالث: أن الضمير في قوله تعالى وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ [الآية ٢٧] راجع إلى المخلوق لا إلى الله تعالى، معناه: أنه لا صعوبة على المخلوق فيه ولا إبطاء، لأنه يعاد دفعة واحدة، بقوله تعالى كُنْ فَيَكُونُ (٨٢)[يس] وفي الابتداء خلق نطفة ثم نقل إلى مضغة ثمّ إلى عظام ثمّ إلى كسوة اللحم. الرابع: أنّ الابتداء من قبيل التفضّل الّذي لا مقتضى لوجوبه، والإعادة من قبيل الواجب لأنها لا بدّ منها لجزاء الأعمال، وجزاؤها واجب بحكم وعده سبحانه وتعالى.
فإن قيل: ما معنى قوله تعالى: وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً [الآية ٣٩] على اختلاف القراءتين بالمد والقصر؟
قلنا: قال الحسن رحمه الله: المراد به الربا المحرم. والخطاب لدافعي الرّبا، لا لآخذيه. معناه: وما أعطيتم أكلة الربا من زيادة لتربو وتزكو في أموالهم فلا تزكو عند الله ولا يبارك فيها، ونظيره قوله تعالى: يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ [البقرة: ٢٧٦] لا فرق بينهما. وقال ابن عباس رضي الله عنهما والجمهور: المراد به أن يهب الرجل غيره هبة أو يهدي إليه هديّة على قصد أن يعوّضه أكثر منها.
وقالوا: وليس في ذلك أجر ولا وزر، وإنّما سماه لأنه مدفوع لاجتلاب الربا، وهو الزيادة، فكان سببا لها، فسمّي باسمها ومعنى قراءة المد ظاهر. وأما قراءة القصر فمعناها: وما جئتم: أي